مشروع قانون المالية 2025 بين تثمين الأغلبية النيابية وانتقاد المعارضة
عقد مجلس النواب يومه الخميس، جلسة عمومية خصصت للمناقشة العامة للجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2025، وذلك بحضور وزيرة الاقتصاد والمالية "نادية فتاح"، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية "فوزي لقجع".
وفي هذا السياق، ثمنت فرق الأغلبية البرلمانية، في مداخلات خلال الجلسة،
محتوى مشروع القانون، مؤكدة أنه يجسد بشكل واقعي تنزيلا لبرنامج عمل الحكومة
وتعاقدها مع المواطنين، ويترجم إرادتها في استكمال تنزيل برامج الدولة الاجتماعية
وإنعاش الاقتصاد الوطني وتحفيز الاستثمار وإنعاش التشغيل، مضيفة أن ما تضمنه
المشروع من تدابير وإجراءات خاصة، لاسيما تلك المرتبطة بالدعم الاجتماعي وتحسين
القدرة الشرائية للمواطنين وتخفيض الضريبة على الدخل "ربما فاقت كل التوقعات
والانتظارات، نظرا للسياقات الاقتصادية الدولية المعقدة والواقع المناخي بالمملكة".
مسجلة أن الحكومة، وهي تضع مشروع القانون، استحضرت بعمق معنى وأهداف المشروع
المجتمعي الكبير الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والقيم الوطنية
والحضارية المؤطرة له المبنية على التضامن والتكافل، معتبرة أنه مشروع اجتماعي
بامتياز، بعيد عن منطق مناصرة الأغلبية. مشددة على أن مناقشات الميزانيات تتم
بمحاججة الأرقام والمعادلات الاقتصادية والإجراءات المالية التي ضمنت بها الحكومة صلابة
المالية العمومية وسيادة القرار الاقتصادي والسياسي للمملكة، مبرزة أن الحكومة
حققت أربع نجاحات استراتيجية تتمثل في التحكم في عجز الميزانية وتقليصه إلى 4 في
المائة من الناتج الخام، وارتفاع الموارد الجبائية وغير الجبائية، وتفعيل الرؤية
الاستراتيجية لتدبير محفظة المقاولات والمؤسسات العمومية، والوضعية الجيدة للادخار
الوطني الذي فاق 670 مليار درهم في الأدوات المالية.
وأشادت فرق الأغلبية أيضا، بتحسن التصنيف الائتماني
للمغرب لدى المؤسسات الدولية بفضل الإصلاحات المعتمدة في تدبير المالية العمومية،
وتنويع موارد دخل الاقتصاد، وزيادة حجم الصادرات، وانتعاش القطاع السياحي وتحويلات
مغاربة العالم التي تغطي جزءا كبيرا من عجز ميزانية المدفوعات الخارجية، مؤكدة أن
هذه الإيرادات ساهمت في الرفع من الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة إلى نحو 400
مليار درهم، وبالتالي خلق وضع مالي وائتماني جيد مقارنة باقتصادات أخرى مماثلة.
في حين انتقدت المعارضة خضوع مشروع القانون "لمقاربة محاسباتية صرفة"، ورأت فيه "تعبيرا عن استمرار نفس النهج الليبرالي لقوانين المالية السابقة التي خضعت لمنطق الموازنات المالية على حساب التوازنات الاجتماعية"، معتبرة أن الحكومة لم تستطع الوفاء بالتزامات البرنامج الحكومي وتجاهلت توصيات النموذج التنموي الجديد الذي دعا إلى تحقيق نسبة نمو في حدود 7 في المائة، معتبرة أن التطور المسجل في الموارد العادية للميزانية العامة "ليس كافيا لتوفير الهوامش المالية الضرورية لضمان استدامة الأوراش الهيكلية وفي مقدمتها تعبئة 51 مليار درهم سنويا لتمويل ورش الحماية الاجتماعية". داعية إلى تأطير التمويلات المبتكرة بقانون خاص يضبط الكيفيات في مختلف مراحلها ويحدد بدقة التزامات وحقوق الأطراف المعنية بما يكرس الشفافية المرتبطة بهذه التمويلات. مثمنة بعض التدابير التي تضمنها مشروع قانون المالية على مستوى الحوار الاجتماعي، لاسيما ما يتعلق منها بمراجعة أشطر الضريبة على الدخل، والزيادات المقررة في الأجور، "رغم أن هذا المجهود المالي الهام لا يغطي فارق ارتفاع كلفة المعيشة"، داعية الحكومة إلى عدم التعامل مع هذه المكاسب المادية "بمنطق المقايضة مع الفرقاء الاجتماعيين أو المساس بحقوق الطبقة العاملة.