مشروع مدونة الأسرة المغربية والتدافع العقيم


مشروع مدونة الأسرة المغربية والتدافع العقيم
عبد الرحيم اسويطط

      يعتقد بعض الفقهاء وعلماء الدين والمحسوبين على التيار الإسلامي أن إصلاح مدونة الأسرة يهدد الهوية الإسلامية للمغاربة ، في حين يعتقد بعض الحداثيين والتقدميين والمحسوبين على التيار العلماني والحركات النسائية أن الإصلاح كفيل بوضع المرأة في موضعها الطبيعي .

أعتقد أن القضية ليست معركة تكسير العظام وتسجيل النقط والفوز في النزال الإيديولوجي، وتقسيم المجتمع إلى فئة غالبة وفئة مغلوبة ، القضية في الحقيقة هي أن المرأة تعيش وضعا صعبا كنوع اجتماعي في البيت وفي العمل وفي الزواج والطلاق، كما في السياسة والاقتصاد ، مما يتطلب نقاشا هادئا وعقلانيا ومنتجا يضع المرأة غاية، لا أداة لتصريف الحساسيات الإيديولوجية والمذهبية الضيقة .

ليس الهدف هو تجييش الأتباع وتوجيه الرأي العام وجهة الصراع الوجودي القاتل ، وليس الهدف هو الاصطفاف إلى جانب طرف على حساب طرف آخر، إنما الهدف هو تحيين مدونة تنصف المرأة أولا، والمجتمع أخيرا .

قد يظن البعض أن ربح "النزال " أو "المعركة " أولى من ربح رهان " الإنصاف " وتتحول المرأة إلى وقود دون ان تكون "إشكالا" يتطلب المعالجة.

يفترض في "التدافع" بين أطراف الحوار الاتفاق حول " المشترك" الضامن لبناء سليم لمدونة جديرة بالإجماع ، و"المحاججة" على النسبي والقابل للاختلاف انطلاقا من التعدد "الهوياتي" للمجتمع المغربي .

إن الضامن لنجاح التدافع هو المرأة نفسها، مما يتطلب الإنصات لأولوياتها وهواجسها وطموحاتها داخل الأسرة : مع الزوج ومع الأبناء وفي النفقة والتركة والعنف والوصاية ...

المرأة لا تحتاج للمزايدات ولا يهمها انتصار طرف على آخر ، إن ما يهمها هو أن تخرج منتصرة لكرامتها وأمانها وتوازن حقوقها وحقوق أبنائها .

إن التدافع العقيم بمنطق المصالح الخاصة سيؤجل ربح رهان مغرب الاستقرار والاستثناء والتعايش الجماعي، وسيؤجج واقع الانفجار، ولا يسعنا إلا ان نردد مع الفقيه والمفكر والسياسي علال الفاسي قوله منذ 1966 : " وإني لأعتقد أنه لا حياة  لأمتنا ولا لأمة على وجه الأرض مادامت المرأة محرومة من حقوقها وممنوعة من أداء واجبها .وإن كل نهضة لا تعير الالتفات إلا لجانب الرجال لهي نكسة لا توصل للخير أبدا ."   

اترك تعليقاً