تحديات العقوبات البديلة في ورشة عمل بطنجة
تحتضن مدينة طنجة، يومي الجمعة والسبت، ورشة عمل حول رهانات وتحديات التفعيل القضائي للعقوبات البديلة عن العقوبات السالبة للحرية.
وتروم الورشة، المنظمة بمبادرة من وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة وجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية بدعم من "أوروميد رايتس" ومعهد "ديكنتي" الدنماركي لمناهضة التعذيب، التعريف ببدائل العقوبات السالبة للحرية من منظور القانون الجنائي المقارن، وبيان المعايير الدولية والممارسات المثلى الخاصة بالعقوبات البديلة.
كما يناقش المشاركون أثر بدائل العقوبات السالبة للحرية على ظاهرتي الاكتظاظ السجني والعود للجريمة، إلى جانب استعراض التجارب العربية والدولية في مؤسسات العدالة الجنائية، ومناقشة التطبيقات القضائية العربية لبدائل العقوبات السالبة للحرية.
وأكد وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في كلمة بالمناسبة، أن اللقاء سيمكن من تمحيص عدد من الإشكالات التي قد تعترض تفعيل قانون العقوبات البديلة، الذي صادق عليه البرلمان مؤخرا، من أجل تسريع عملية دخوله حيز التنفيذ، مشددا على الدور المحوري للقضاة في التنزيل الأمثل لهذا القانون الذي يشكل "مرحلة وجيلا جديدا من العقوبات التي من شأنها التخفيف من كلفة العدالة إنسانيا وماديا".
وتوقف الوزير عند بعض مضامين القانون التي أفردت حيزا كبيرا لمختلف الأجهزة المتدخلة في عملية تنفيذ العقوبات البديلة، ولاسيما دور النيابة العامة والقاضي الزجري في التنفيذ القضائي للعقوبات البديلة، مشددا على أن هذه العقوبات لا تشمل كل أنواع الجرائم.
من جهته، نوه خالد بن عبد العزيز الحرفش، أمين المجلس الأعلى ووكيل جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، بتبني المغرب لقانون حول العقوبات البديلة اعتمادا على التوجيهات الملكية السامية وعلى مرجعيات وطنية ودولية، من بينها مخرجات الحوار الوطني حول العدالة، معربا عن أمله في أن "يشكل المغرب، الذي يعتبر رائدا في هذا المجال، قدوة لبقية الدول".
وشدد المتحدث على أن جامعة نايف، التي تعتبر الجهاز العلمي لمجلس وزراء الداخلية العرب وعضو مراقب في مجلس وزراء العدل العرب، تشارك في تنظيم هذه الورشة المهمة حول بدائل العقوبات السالبة للحرية سعيا منها لتطوير ورفع كفاءة منتسبي الأجهزة الأمنية والعدلية في الوطن العربي، معتبرا أن موضوع الورشة "هام ويحقق العدالة الاجتماعية بالمجتمعات العربية".
من جهته، اعتبر محمد عبد النباوي، الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، في كلمة تليت نيابة عنه، أن "استحداث إجراءات قانونية وقضائية من قبيل العقوبات البديلة يعد مدخلا من المداخل الأساسية التي يمكن أن تسهم، بشكل فعال، في حل الإشكالات التي تطرحها العقوبات السالبة للحرية، وخصوصا قصيرة المدة منها"، مذكرا بأن السياسة الجنائية المعاصرة أعادت النظر في التصور التقليدي للعدالة الجنائية، حيث نقلت وظيفة الجزاء الجنائي، من وظيفة عقابية، غايتها تشديد العقاب وسلب الحرية، إلى وظيفة إصلاحية".
وبعد أن أشار إلى أن تحديث النظام العقابي وتدعيمه بعقوبات وآليات بديلة يعد تكريسا للإرادة الملكية الداعية إلى نهج سياسة جنائية جديدة والوفاء بالتزامات المملكة في مجال حقوق الإنسان بصفة عامة، اعتبر أن مشروع القانون، المتعلق بالعقوبات البديلة، يهدف إلى إيجاد بدائل للنظام العقابي التقليدي، في بعض الجنح، وتجاوز السلبيات التي أبان عنها.
بدوره، أشار رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، في كلمة تليت نيابة عنه، إلى ان اعتماد بدائل الاعتقال الاحتياطي والتدابير البديلة للعقوبات السالبة للحرية صار من "مؤشرات النجاح في تنفيذ السياسة الجنائية المعاصرة"، مشددا على ان تنظيمها في التشريعات الوطنية وتفعيلها على الوجه المنشود من شأنه أن يسهم في التخفيف من الآثار الوخيمة للعقوبات الحبسية قصيرة المدة وخفض اكتظاظ المؤسسات السجنية.
وأشار إلى أن المعطيات الإحصائية المتفق عليها تقدر إمكانية تخفيض عدد نزلاء المؤسسات السجنية بمتوسط يتراوح بين 5 و10 في المائة من مجموع المعتقلين خلال السنة وهو "معدل إيجابي بالنظر إلى تكلفة الاعتقال وآثاره السلبية حقوقيا واجتماعيا واقتصاديا"، مبرزا أن القانون المغربي حول العقوبات البديلة يعد "لبنة مهمة تروم تحديث الترسانة التشريعية الوطنية بغية ملاءمتها مع المعايير المعتمدة دوليا".
من جانبها، وصفت مديرة المعهد الدنماركي لمناهضة التعذيب بالمغرب، أمال القرواوي، مصادقة المغرب على قانون العقوبات البديلة ب "الخطوة السباقة"، معتبرة أن "بدائل العقوبات السالبة للحرية تعتبر وسيلة فعالة لمكافحة العودة إلى الجريمة".
يذكر أن الدورة الأولى من ورشة "التفعيل القضائي لنظام العقوبات البديلة، الرهانات والتحديات"، انعقدت بمدينة مراكش يومي 15 و16 دجنبر من السنة الماضية، بمشاركة 50 قاضية وقاضيا.