توصية بإحداث غرف بيئية بمحاكم المملكة
أوضح رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي،
أمس الخميس بمراكش، خلال الجلسة الافتتاحية للندوة الدولية التي نظمتها رئاسة
النيابة العامة حول موضوع "الجريمة البيئية ودور القضاء في مكافحتها" أن
المجلس يوصي بإحداث "غرف بيئية" بمحاكم المملكة ذات الاختصاص، مع وضع
دليل مرجعي لتوحيد مساطر وكيفيات تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالجرائم
البيئية. وأن المجلس يدعو أيضا إلى تعزيز فعلية القانون البيئي بوصفه عنصرا أساسيا
في عملية التصدي الاستباقي للجرائم البيئية، والرفع من نجاعة وقدرات الأجهزة
المكلفة بإنفاذ القانون، سواء كانت إدارية أو قضائية، بما يوطد الأمن القانوني
والقضائي البيئي بالبلاد.
ومن بين التوصيات المقترحة ، اعتماد إطار تشريعي متجانس وفعال
في مكافحة الجرائم البيئية، باعتماد مقتضيات قانونية أكثر ملاءمة مع الالتزامات
الدولية للمملكة، والممارسات الفضلى المتطورة في هذا المجال، وأكثر دقة في توصيف
الأفعال الضارة بالبيئة، وتحديد المسؤوليات بوضوح، وأكثر صرامة وتناسبا في ترتيب
العقوبات من أجل تقوية الوظيفة الردعية للسلطات العمومية والقضائية في زجر الأفعال
والأنشطة الضارة بالبيئة.
كما أوصى المجلس بإصدار النصوص التطبيقية للقوانين الجاري بها
العمل وتفعيل باقي الوثائق الإستراتيجية ذات الصلة لجعلها ملزمة وذات حجية أمام
القضاء، وتأهيل وسائل الرصد والمراقبة، بالإضافة إلى تعزيز المقاربة القضائية،
ووضع نظام معلوماتي وطني متطور يمكن من إدماج المعطيات البيئية وتحيينها بكيفية
منتظمة لتيسير إعمال القوانين من قبل جميع الفاعلين، بما في ذلك المنظومة القضائية.
ومن المقترحات أيضا . وضع دليل مرجعي استرشادي من قبل المجلس
الأعلى للسلطة القضائية موجه إلى القضاة المكلفين بقضايا البيئة من أجل توحيد
مساطر وكيفيات تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالجرائم البيئية على مستوى
مختلف محاكم المملكة، مع ترصيد الاجتهادات القضائية في هذا المجال، وذلك بما يصون
الحقوق البيئية ويحارب الممارسات الضارة بها.
وذكر السيد شامي بالأهمية التي توليها المملكة
لقضايا البيئة والتنمية المستدامة، سواء من حيث بلورة الاختيارات الإستراتيجية
الكبرى أو من خلال الالتزامات الدولية للمغرب بشأن مكافحة آثار التغيرات المناخية،
والمساهمة المحددة وطنيا لتقليص انبعاثات الكربون.
إلا أنه رغم التقدم الهام والملحوظ الذي تم تحقيقه على المستوى
الإستراتيجي والمؤسساتي والقانوني لإدراج البعد البيئي والمستدام في السياسات
القطاعية والمخططات التنموية، لا تزال هناك تحديات واختلالات تعيق نجاعة وفعالية
الجهود المبذولة في هذا الصدد.
ومن بين هذه التحديات، ضعف منسوب الوعي بالمسؤولية البيئية في
السلوكات والأنشطة الفردية والجماعية، وبعض أوجه القصور في الرصد والمراقبة،
بالإضافة إلى محدودية استخدام التكنولوجيات الحديثة من أجل كشف وتحديد الأنشطة غير
القانونية، وبطء البت في قضايا الجرائم البيئية، نظرا لقلة عدد القضاة والمهنيين
القضائيين المتخصصين في مجال البيئة.
وخلص إلى أنه بقدر التشديد على فعلية القوانين وإعمال المقاربة
الردعية الصارمة في مواجهة الجرائم البيئية، وينبغي التأكيد على ضرورة مواكبتها
بإجراءات وتدابير تحسيسية وتحفيزية تجاه المواطن والفاعلين الاقتصاديين والمجتمع
المدني من أجل ترجيح السلوكات والممارسات الجيدة والخيارات التكنولوجية الصديقة
للبيئة، وتشجيع المسؤولية البيئية في إطار المقاربة التشاركية والتنظيم الذاتي
للمجتمع.