ندوة بفاس حول شروط نجاح الجهوية المتقدمة

      أكد رئيس مجلس المستشارين، النعم ميارة، اليوم الخميس بفاس، أن الحكومة ملتزمة في إطار برنامجها للفترة 2021-2026، باستكمال الجهوية المتقدمة، من خلال نقل اختصاصات واسعة من الدولة إلى الجهة بالموازاة مع تحويل الموارد المالية والبشرية الكافية لذلك.

واعتبر، في كلمة عند افتتاح أشغال ندوة موضوعاتية جهوية حول موضوع "الجهوية المتقدمة بين تحديات الممارسة ومتطلبات المراجعة القانونية"، والتي ينظمها مجلس المستشارين بتنسيق وشراكة مع مجلس جهة فاس-مكناس تحضيرا لفعاليات الملتقى البرلماني السادس للجهات، أن نقل هذه الاختصاصات يتم على نحو يضمن الاستقلالية في التدبير المالي والإداري للجهة، ويجعل من هذه الأخيرة قطبا تنمويا حقيقيا ورافعة للتنمية البشرية والارتقاء الاجتماعي وشريكا أساسيا للدولة.

وأكد على أهمية تمكين إدارات الجهات من الموارد البشرية الكافية والمؤهلة وجعل الوظيفة الجهوية أكثر استقطابا وجاذبية، وشدد على الطابع الملح لإحالة مشروع القانون المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بموظفي إدارات الجماعات الترابية إلى مجلس المستشارين، قصد الإسراع بإدراجه ضمن مسطرة التشريع، للنهوض بالموارد البشرية بالجماعات الترابية، واستقطاب الكفاءات على المستوى الترابي وتعزيز التكوين المستمر لفائدة موظفي الجماعات الترابية، مع الحرص على تضمينه للضمانات الكافية لجعل موظفي الجهات بمنأى عن أي تأثيرات غير موضوعية.

كما أكد، على أهمية الإسراع بوضع نظام أساسي ملائم للوكالات الجهوية لتنفيذ المشاريع، وألح على ضرورة مراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية المرتبطة بتنظيم القطاعات الوزارية وبالوظيفة العمومية والتعيين في مناصب المسؤولية، لتعزيز تنظيم المديريات الجهوية وتحقيق التوازن بين المستوى المركزي واللاممركز وتمكين رؤساء المصالح اللاممركزة من صلاحيات تدبير المسار المهني للموارد البشرية الخاضعة لسلطتهم.

ولاحظ أن تمويل الجهوية يعتمد بشكل أساسي على الموارد المرصودة من الدولة بما يناهز 93 في المائة خلال الفترة 2018-2021، في حين لم تتعد الموارد الذاتية 7 في المائة (حسب التقرير الموضوعاتي الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات خلال شهر أكتوبر من السنة المنصرمة).

وأشار، كذلك، إلى تسجيل تأخر في تأطير الشراكة مع القطاع الخاص، حيث اقتصرت حصيلة الشراكات بين الجهات والقطاع الخاص على إبرام اتفاقيات شراكة من قبل 4 جهات في إطار دعم المقاولة.

وأكد أن هذه الندوة الموضوعاتية تعتبر أولى المحطات التحضيرية لأشغال الملتقى البرلماني للجهات في نسخته السادسة، مبرزا أن هذا الملتقى الذي يحظى بالرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس يعتبر إطارا مؤسساتيا مبتكرا لتنزيل روح الدستور، الذي ينص في فصله 137 على مساهمة الجهات والجماعات الترابية الأخرى في تفعيل السياسة العامة للدولة، وفي إعداد السياسات الترابية من خلال ممثليها في مجلس المستشارين.

وفي هذا السياق، استحضر مضامين الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في فعاليات الملتقى البرلماني الثاني للجهات بتاريخ 16 نونبر 2017، الذي أكد أن عقد لقاءات دورية للتشاور وتبادل وجهات النظر والنقاش، وأعرب عن تطلعه إلى استشراف مداخل التغيير الأساسية على مستوى المنظومة القانونية ذات الصلة، على ضوء ما أفرزته الممارسة من إكراهات وتحديات حالت دون بلوغ الفعالية اللازمة في ممارسة الجماعات الترابية لاختصاصاتها.

كما استعرض توصيات الملتقى البرلماني للجهات، في نسختيه الأخيرتين، التي أكدت على ضرورة وضع ضوابط قانونية للتعاقد ضمن إطار منهجي ومرجعي يحدد بدقة شكليات وشروط إبرام وتنفيذ العقود والاتفاقيات بين الدولة والجهات، من ناحية، وبين الجهات فيما بينها، وبينها وبين باقي أصناف الجماعات الترابية، من ناحية أخرى. ومن هذه التوصيات، أهمية التسريع بفتح ورش الملاءمة التشريعية والتنظيمية، وبمراجعة الإطار القانوني المنظم للجماعات الترابية لجعله أكثر وضوحا وتجانسا

ومن جهته، أكد رئيس مجلس جهة فاس – مكناس، على أهمية الوقوف عند أبرز التحديات والإكراهات التي تعيق التنزيل السليم للجهوية المتقدمة، بعد تسع سنوات من الممارسة العملية، معتبرا ان هذه المدة كافية للقيام بوقفة تأمل حقيقية وموضوعية عند الإشكاليات الكبرى والعملية التي تواجهها هذه التجربة الغنية، والتفكير الجماعي في إيجاد الحلول الملائمة لها، وفقا للتوجيهات السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وأضاف أن الندوة تهدف إلى إغناء النقاش العمومي المتجدد والمستمر حول ورش الجهوية المتقدمة، وتقاسم رؤيتنا الخاصة مع الفاعلين الآخرين الذين يشتغلون من مواقع أخرى أكاديمية أو إدارية أو سياسية أو مدنية أو اقتصادية أو غيرها،  وشدد على أهمية بلورة تصورات ورؤى وحلول جديدة لبعض الإشكاليات المرتبطة بموضوع الجهوية المتقدمة، التي نعتبرها اليوم ملحة بالنظر لما بلغته التجربة من نضج.