فاس تفتتح مهرجان الموسيقى العالمية العريقة بملحمة فنية راقية
بفضاء باب الماكينة المحمل بالإرث الحضاري والتاريخي، الشاهد على عراقة المملكة المغربية الشريفة كان لجمهور مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة الذي اختار لهذه الدورة موضوع" شوقا لروح الأندلس" موعد مع الملحمة الفنية الراقية "زرياب والوتر الخامس" للشاعر و الموسيقي الكبير أبو الحسن علي بن نافي الملقب بالشحرور.
هذه الملحمة سافرت بالمتلقي عبر التاريخ إلى عصر الأندلس المتوهج فنيا، ثقافيا و حضاريا و خصوصا الحقبة الذهبية الممتدة من القرن 8 إلى غاية القرن 15 و استحضرت حضارة و ملك قرطبة هذه المدينة الساحرة التوأم لفاس الذي لا يخفى تشابههما العمراني و خصائصهما الجغرافية.
هذا الحفل الذي جمع على الخشبة فنانين من أقطاب، ثقافات و ديانات مختلفة مؤكدا أن الفن عابر للحدود و لا يعترف سوى بالجمال و الرقي ، هو من إخراج و تصميم آلان ويبر الذي نجح في تقديم سمفونية متجانسة و متناغمة حضر فيها الشعر و تعايشت من خلالها النصوص المقدسة عبر تراتيل روحية خاطبت قلوب الجمهور و رحلت به إلى عوالم راقية من خلال عمل كوريغرافي استغل فيه آلان ويبر سحر فضاء باب الماكينة التاريخي، مستحضرا تأثير الألوان و انعكاس الإبداعات الضوئية، بالإضافة إلى المؤثرات الصوتية، في تناغم فني رائع.
و قد شارك في هذه الملحمة الفنية "زرياب والوتر الخامس" الفنان ربيع القاطي و المطربة سناء مرحاتي والفنان المتخصص في الموسيقى الصوفية سعيد بلقاضي.
كما حضرت المجموعة الصوتية النسوية الشعبية للبلدان الغربية "مادالينا" ، بقيادة مانو ثيرون إلى جانب مجموعة حيدوس أولماس بالإضافة إلى راقصين و عازفين مشهورين و على رأسهم خوان كارمونا، عازف القيثارة وملحن الفلامينكو.
لقد تفاعل الجمهور في هذا الحفل البهيج مع ما قدمه الفنانون رفقة الفرقة الموسيقية. و هو تفاعل نابع من تجانس روحي يعكسه رقي الموسيقى و سحر الأمكنة.
لقد برهنت فاس مرة أخرى من خلال العرض الافتتاحي لمهرجان الموسيقي العالمية العريقة أنها مكان لتلاقح الحضارات و الثقافات و أن المملكة المغربية ستظل أرض الأمن والسلام .