وفد إسباني يطلع على المؤهلات الثقافية لإقليم السمارة
اطلع الوفد الإسباني الذي يقوم بجولة لجهة العيون الساقية الحمراء، خلال زيارته لإقليم السمارة، على الموروث التاريخي والأركيولوجي، وكذا المؤهلات الثقافية والطبيعية والاقتصادية بالإقليم.
وفي هذا السياق، زار أعضاء الوفد منطقة الغشيوات (حوالي 120 كلم عن مدينة السمارة)، بجماعة أمغالا، التي تعتبر واحدة من ضمن أربعة وثلاثين موقعا للنقوش الصخرية بإقليم السمارة؛ حيث اطلعوا على ما تزخر به هذه المنطقة من غنى وتنوع الموروث الثقافي الطبيعي الذي يضم العديد من الشواهد الأثرية المتنوعة والهامة الدالة على قدم الاستقرار البشري بهذا الموقع الممتد على مساحة تقارب 40 كيلومترا مربعا.
وتعود هذه النقوش، التي تعتبر مكونا محوريا من مكونات التراث الثقافي الأركيولوجي المغربي، إلى 4000 سنة قبل الميلاد و 8000 سنة قبل الميلاد، وتضمنت أقدم النقوش ممثلة للشمس والقمر والنجوم، أو لحيوانات كالأبقار ووحيدات القرن والفيلة، والطيور (نعامات) والنباتات والعربات البدائية، وفي مرحلة لاحقة ظهرت رسومات تمثل صيادين وفلاحين.
وتتميز الغشيوات عن بقية مواقع الفن الصخري بالأقاليم الجنوبية، بوجود نقوش لأسلحة معدنية مثل السواطير، التي تعد دليلا واضحا على قدم التعدين بالمنطقة.
كما توقف الوفد بمحطة تألقلم وإعادة توطين الوحيش الصحراوي، التي تندرج في إطار مشروع حماية وتثمين التنوع البيولوجي، الهادف إلى إعادة استيطان الوحيش الصحراوي المفترض ومساعدته على التأقلم في الوسط الطبيعي، وخاصة تطوير أعداد المها أبو عدس وتأقلمها داخل موطنها الجديد قبل أن يتم إطلاقها على المدى المتوسط في الطبيعة.
ويضم هذا الوفد، الذي يرافقه القنصل العام للمملكة المغربية في مورسيا، سيدي محمد بيد الله، أنطونيو فيسينتي فراي سانشيز، مؤرخ وأستاذ جامعي بجامعة مورسيا، وغونزالو سانشيز الفاريز كاستيلانوس، مصور ومصمم، وباولينو روس، صحفي بالراديو الجهوي لمورسيا.
وخلال لقاء مع عامل الإقليم، السيد حميد النعيمي، تم التأكيد على أهمية زيارة هذا الوفد الاسباني لإقليم السمارة؛ خاصة وأنه يضم أساتذة ومؤرخين وسوسيولوجيين وإعلاميين وعلماء الآثار، للاطلاع على ما يزخر به الإقليم من مؤهلات ثقافية وطبيعية قادرة على جعله وجهة سياحية بامتياز خاصة لما يتوفر عليه من مواقع للنقوش الصخرية، وموروث ثقافي مادي ولا مادي.
وزار أعضاء الوفد أيضا، "دار حوزة" الأثرية بجماعة حوزة التي يتم إعادة ترميمها وتهيئتها ضمن مشروع يروم حماية المواقع الأثرية المتواجدة بالموقع مع بناء قاعة عرض، وذلك في إطار استراتيجية الوزارة لحماية الموروث الثقافي المادي و اللامادي للمملكة.
وقال رئيس المجلس الإقليمي بالسمارة، السيد محمد سالم لبيهي، إن هذه الدار التي تعتبر معلمة تاريخية يرجع تاريخ بنائها إلى عهد المنصور الذهبي كمحطة استراحة وتتبع للقوافل التجارية التي كانت تأتي من تومبوكتو في اتجاه شمال المملكة والعكس، وتؤكد عراقة وتجذر ارتباط أبناء الصحراء بسلاطين المملكة المغربية، منوها بمبادرة إعادة ترميمها وإعطائها المكانة التي تليق بها.
وشكلت هذه الزيارة فرصة للوفد الإسباني للاطلاع كذلك، بمجمع الصناعة التقليدية بالسمارة، على التنظيمات الحرفية بالإقليم، وما يختزنه هذا الفضاء من مشغولات نسائية ومنتجات الصناعة التقليدية المحلية التي تعتبر أحد الروافد الأساسية للتنمية بهذا الإقليم.
ويواصل هذا الوفد زيارته لإقليم السمارة بتوقيع اتفاقية شراكة بين جمعية مورسيا للطلح، ومركز الساقية الحمراء للدراسات والأبحاث بالعيون، وجمعية ميران لحماية التراث بالسمارة، وجمعية هدايا السماء للشهب والنيازك بالمدينة، من أجل التعريف والبحث حول المواقع الأثرية والطبيعية بجهة العيون - الساقية الحمراء.
كما سيتم بالمناسبة، تنظيم محاضرة بالكلية متعددة التخصصات بالسمارة يلقيها الأستاذ انطونيو فيسينتي فراي سانشيز، وتقديم كتابه بعنوان "النقوش الصخرية الأثرية في جنوب المغرب" الصادر بإسبانيا نهاية شهر فبراير الماضي.