ندوة وطنية بمدينة الحسيمة حول الصحافة والقانون
نظمت جمعية "ألتبريس للإعلام البديل" و مركز الدراسات القانونية
والاجتماعية، السبت 27 يناير 2024 الماضي بالحسيمة، ندوة وطنية حول "الصحافة
والقانون"، سعى المنظمون من خلالها الى المساهمة في النقاش العلمي الرامي إلى
تعزيز الممارسة الإعلامية المسؤولة والحرة.
واختير للقاء شعار "الحرية والمسؤولية في قانون الصحافة والنشر بالمغرب"
بمشاركة ثلة من رجال القانون وإعلامين وأكاديميين، على "البعد الحقوقي في
وسائل الإعلام"، وقد استعرض عبد القادر مساعد، أستاذ التعليم العالي ومنسق
ماستر حقوق الإنسان بكلية الحقوق بطنجة، المستويات القانونية التي ترتبط بحرية
الصحافة والإعلام، لاسيما الانتقال الذي عرفه التشريع المغربي بعد دستور سنة 2011
من مفهوم الحريات العامة إلى مفهوم الحريات الأساسية، وما يتبع ذلك من تنظيم وضبط
للممارسات المجتمعية ، الفردية والمؤسساتية .
كما تطرق إلى الأبعاد الجديدة لحقوق الإنسان وطبيعة الخطاب الإعلامي المتداول
اليوم بالمغرب، مع استحضار مبادئ حقوق الإنسان، والتنبيه إلى ضرورة استناد المعجم
اللغوي الإعلامي إلى هذه المبادئ، موضحا أن المطلوب اليوم من الإعلاميين هو التسلح
أكثر بثقافة حقوق الإنسان.
ومن جانبه، تناول حسن اليوسفي المغاري، إعلامي وباحث في الإعلام والاتصال، إلى
تأثير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على العمل الصحفي من بوابة المساءلة القانونية
والمسؤولية الأخلاقية، مركزا على جملة من الضوابط التي تواجه الممارسين للصحافة من
قبيل معالجة المعطيات والبيانات دون انتهاك الحياة الخاصة للأشخاص، داعيا إلى
"أنسنة الفضاء الإعلامي وبرامج الذكاء الاصطناعي، عبر ضبط وتقييد التطور
المتسارع في كل لحظة بالتقنين ومواكبته بالتشريع".
أما عبد الصمد الجزيري، محام بهيئة الناظور، فقد ناقش "التحديات القانونية
التي تواجه الصحافة الإلكترونية في عصر الإعلام الرقمي"، معتبرا أن الصحافة
الإلكترونية تؤطر عملها الصحافي الإعلامي العام ضوابط قانونية تتعلق بموضوع الحرية
والمسؤولية، مبرزا أنه إذا كانت الممارسة الصحافية تخضع لقانون الصحافة والنشر،
فإن المسؤولية الجنائية والاجتماعية للممارسين تبقى خاضعة أيضا لمقتضيات أخرى في
القانون الجنائي. كما أن الارتقاء بالصحافة الالكترونية رهين بتحيين الإطار
التشريعي ومواكبة التطور التقني وتنظيم الإشهار والتكوين المستمر ضمانا لجودة
المحتوى، إلى جانب توفير الحماية القانونية للصحافيين أثناء ممارسة مهامهم .
وبدوره، تطرق سعيد خمري، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق المحمدية، إلى تطور وسائل الإعلام في المغرب، عبر جدلية ارتباط الحرية بالمسؤولية، مشيرا إلى أنه "إذا كان الصحافي مطوق بالمسؤولية أثناء أداء رسالته السامية في المجتمع، فإنه يتعين عدم تقييد حريته بالمطلق، بل ضبطها بشكل استثنائي حتى لا يتم المساس بحقوق وحريات الآخرين كما تنص على ذلك المواثيق الدولية والقوانين الوطنية ذات الصلة". واعتبر أن الندوة شكلت مناسبة لمناقشة "إشكالية الحرية المؤطرة بالقانون في الممارسة الصحافية"، مبرزا أن "تطور الممارسة الصحفية رهين بالمسار والبناء الديموقراطيين وفق الخصوصيات والشروط الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية لكل بلد".