مسجد أدوز بالحسيمة شاهد على الحضارة الإسلامية المغربية


مسجد أدوز بالحسيمة شاهد على الحضارة الإسلامية المغربية
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      يتمتع مسجد أدوز بجماعة الرواضي، غرب الحسيمة، بتاريخ عريق يحكي فصولا من عظمة الحضارة الإسلامية المغربية، خلال القرون السالفة.

يقع هذا المسجد، الذي يرجح أن بناءه يعود إلى القرن السادس الهجري/الثاني عشر ميلادي، إبان حقبة الدولة المرينية، بقبيلة "بقيوة"، ويعد من المعالم الدينية التاريخية التي قاومت عوامل الدهر لتظل منارة دينية وروحية مشعة، وترسخ وجودها كإرث حضاري يحظى بإعجاب السكان والزوار على السواء.

ويقول المندوب الإقليمي للشؤون الإسلامية بالحسيمة، محمد فهيم: إن تاريخ بناء مسجد "أدوز" يعود إلى القرن السادس الهجري على يد السلطان أبي الحسن المريني، مبرزا أنه "واحد من أقدم المساجد التي ما زالت قائمة في جغرافية منطقة الريف".

وذكر أن المسجد ساهم بشكل كبير في نشر تعاليم الإسلام، إذ كان مسرحا لتلقين علوم الفقه وتعليم القرآن ومركزا إشعاعيا وعلميا في المنطقة، حيث كان الطلاب يتوافدون عليه من مختلف المناطق لحفظ القرآن الكريم، وتجويده، وتعلم القراءات، ودراسة العلوم الشرعية والعربية، مبرزا أن هذا الصرح الديني تخرج منه الكثير من العلماء والفقهاء.

وبخصوص ترميمه، لفت السيد فهيم أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بذلت مجهودا كبيرا، حيث خصصت ميزانية مهمة لإصلاحه والحفاظ عليه، لكي يبقى شامخا وشاهدا على عظمة التاريخ الإسلامي في المغرب.

كما كشف محمد المرابطي، فاعل حقوقي وباحث في تراث الريف، أن مسجد "أدوز" يعتبر أول جامع شيده المرينيون في الريف المغربي، ويأتي بعده مسجد مسطاسة بجماعة بني جميل، وهما معا بنفس المواصفات المعمارية وما زالا قائمين لليوم، إلى جانب مسجد ثالث بسيدي بويعقوب في تمسمان، والذي هدمه الاحتلال الإسباني، خلال فترة الحماية.

وأضاف أن،ه عند بنائه، تمت مراعاة جمالية الفن المريني والأندلسي المغربي الأصيل، موضحا أنه يحمل خصائص تمزج بين الطابعين القروي المحلي ومميزات العمارة الإسلامية في المغرب بمختلف روافدها الحضارية.

كما أشار إلى أنه، بالقرب من هذا الموقع الذي يبعد بأقل من خمس كيلومترات عن مرسى مدينة بادس التاريخية التي هدمها المستعمر الإسباني في القرن 16م، كان يوجد ضريح سيدي الحاج حسون، ورابطته التي ستتحول إلى زاوية مكتملة الأركان، إذ يعتقد أن هذا الولي الصالح منتسب إلى البكريين الصديقيين (ذرية أبي بكر الصديق)، وقد عايش الفترة الموحدية والتي اشتدت خلالها حركة التصوف بالمغرب.

أشار بأن بناء مسجد "أدوز" بهذا الموقع، كان يروم نشر العلوم الشرعية والدينية، وتدعيم أسس المذهب المالكي في هذه المنطقة، بهدف أساسي وهو تشجيع الساكنة، وفي مقدمتهم شيوخ العلم والدين، على المقاومة والتصدي لخطر الاستعمار المسيحي الذي كان يهدد الثغور المغربية والمراسي الشاطئية.

وبالفعل، فقد أصبح مسجد "أدوز" مركزا لامعا في تدريس العلوم الشرعية والدينية، وموئلا رئيسيا لتوافد طلاب العلم والفقهاء والمدرسين من العلماء.

اترك تعليقاً