الهند تلتحق بركب الدول المستكشفة للفضاء


الهند تلتحق بركب الدول المستكشفة للفضاء
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      في الوقت الذي تسلط فيه الأضواء في كثير من الأحيان على عمالقة استكشاف الفضاء من قبيل الولايات المتحدة والصين، تعتمد الهند مقاربة منهجية لتطوير قدراتها، وتعزيز مكانتها تدريجيا كفاعل رئيسي في هذا المجال.

وأطلقت المنظمة الهندية للأبحاث حول الفضاء بنجاح، يوم الأربعاء، القمر الصناعي الملاحي المتقدم "ان في اس-02"، وهي المهمة رقم 100 التي يتم اطلاقها من المركز الفضائي ساتيش داوان بسريهاريكوتا بولاية أندرا براديش (جنوب)، وأعلنت في 16 يناير عن الالتحام في المدار لقمريها الصناعيين تارجيت وتشيسر.

وتمكن هذه التطورات الهند من الانضمام للدائرة الصغيرة من الدول (الولايات المتحدة والصين وروسيا) التي نجحت في المناورات المدارية المعقدة، والتي تتطلب خوارزميات ملاحية عالية الدقة، وأنظمة دفع متطورة، وبنية تحتية للاتصالات عالية الأداء.

واعتبر وزير العلوم والتكنولوجيا الهندي، جيتندرا سينغ، أن هذه النجاحات تشكل "بداية عصر جديد في استكشاف الفضاء، مما يدل على القوة التكنولوجية وطموح" البلد الآسيوي في هذا المجال.

وتندرج هذه الإنجازات في إطار استمرار التقدم الذي أحرزته الهند في قطاع الفضاء، خلال السنوات الأخيرة، ففي سنة 2023، مكنت مهمة شاندرايان-3 البلد من النجاح في الهبوط على القطب الجنوبي للقمر لأول مرة، وهي منطقة ذات أهمية لوجود محتمل للجليد المائي، مما قد يسهل إنشاء قواعد قمرية.

وتم انجاز مهمة تشاندرايان 3 بميزانية تقدر بـ 75 مليون دولار، في تجسيد لمقاربة ترشيد الموارد الذي يدعو إليه برنامج الفضاء الهندي.

وأجرت منظمة الأبحاث حول الفضاء الهندية 15 مهمة، سنة 2024، حيث قطعت مرحلة فاصلة مع مهمة "أديتايا ال 1"، وهو أول مسبار فضائي آسيوي يوضع في مدار شمسي.

ويرى الخبراء أن المنظمة الهندية للأبحاث حول الفضاء قد تطلق مشاريع أكثر تعقيدا استعدادا لمهمة تشاندرايان-4 في 2028، والتي تهدف إلى جلب عينات من القمر إلى الأرض، فضلا عن بناء محطتها الفضائية "بهاراتيا أنتاريكشا" في 2035.

ويواكب هذا التطور في قطاع الفضاء العام تطور متزايد للمبادرات الخاصة، التي تحفزها الإصلاحات التي أجريت في 2020 بهدف فتح هذا المجال الاستراتيجي أمام الشركات.

ويشكل إحداث المركز الوطني الهندي لتعزيز وترخيص الفضاء، في يونيو 2020، خطوة رئيسية في هذا التطور، وتشرف هذه الوكالة المستقلة على تأطير وتسهيل الأنشطة الفضائية للشركات الخاصة، وتتدخل على الخصوص في مجال تصميم مركبات الإطلاق، وتصنيع الأقمار الصناعية، وتوفير الخدمات الفضائية، ومشاركة البنى التحتية لمنظمة الأبحاث حول الفضاء.

ومكنت التدابير الإضافية من هيكلة هذا التطور، من قبيل تعديل سياسة الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الفضاء، وإنشاء المعايير والمبادئ التوجيهية والإجراءات للأنشطة الفضائية، وإحداث صندوق رأس مال استثماري بقيمة 120 مليون دولار يهدف لدعم الشركات الناشئة في هذا القطاع.

وساهمت هذه المبادرات في ظهور أكثر من 260 شركة ناشئة، خلال ثلاث سنوات، جمعت أكثر من 300 مليون دولار.

ومن بين هذه الشركات "أجنيكول كوزموس" التي طورت، سنة 2024، أول صاروخ مزود بمحرك مطبوع بالكامل بتقنية ثلاثية الأبعاد، وأجرت المركبة رحلتها الأولى من دانوش، أول قاعدة إطلاق خاصة في البلاد، والتي أنشأتها أيضا شركة أجنيكول.

من جهتها قامت شركة "سكاي روت ايروسبيس" بأول رحلة جوية هندية خاصة دون مدارية باستخدام صاروخها فيكرام-إس.

وقال سينغ إن: "هذه الشركات الناشئة تكمل وتعزز البنية التحتية لمنظمة أبحاث الفضاء الهندية مع العمل على وضع الهند كفاعل رئيسي في صناعة الفضاء العالمية".

ومع ذلك، يرى المتتبعون أن تطوير قطاع الفضاء في الهند يواجه العديد من التحديات، لاسيما تكوين يد عاملة ذات كفاءة عالية قادرة على الحفاظ على الابتكار التكنولوجي، وتطوير سلسلة توريد محلية، وهو شرط ضروري للاستقلال التكنولوجي والقدرة التنافسية للبلاد.

وبحسب رئيس المركز الوطني الهندي لتعزيز وترخيص الفضاء باوان جوينكا فإن بناء منظومة محلية لتصنيع مكونات الفضاء يعد أمرا أساسيا لتمكين الهند من تحقيق هدفها المتمثل في تغطية 8 بالمائة من سوق الفضاء العالمي بحلول سنة 2033، أي اقتصاد فضاء تبلغ قيمته 44 مليار دولار.

اترك تعليقاً