المغرب يدعو أمام مجلس السلم والأمن إلى ذكاء اصطناعي إفريقي أخلاقي وسيادي

ترأس وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج "ناصر بوريطة"، يومه الخميس، الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي المنعقد حول موضوع "الذكاء الاصطناعي وتأثيره على السلم والأمن والحكامة في إفريقيا".
وقال السيد "بوريطة"
في كلمة ألقاها عبر تقنية الاتصال المرئي أمام الاجتماع، إنه "لا يمكن
لمستقبل الذكاء الاصطناعي في إفريقيا أن يتجاهل الحاجة إلى بناء ذكاء اصطناعي
إفريقي، من قبل إفريقيا ولأجل إفريقيا. ينبغي أن يكون الذكاء الاصطناعي الذي ننشده
أخلاقيا ومسؤولا ومتكيفا مع واقعنا"، داعيا إلى التعبئة والعمل الجماعي بغية
جعل الذكاء الاصطناعي رافعة حقيقية للتنمية والسلم والأمن لفائدة الأفارقة
والإفريقيات، مبرزا أن المغرب، ووعيا منه بهذا الواقع، عازم، تحت قيادة صاحب
الجلالة الملك محمد السادس، على المساهمة في النهوض بإفريقيا في مجال الذكاء
الاصطناعي، مجددا تأكيد الالتزام القوي والديناميكي للمملكة من أجل بروز ريادة
إفريقية موحدة في مجال الذكاء الاصطناعي.
وسلط الوزير الضوء على التحديات والفرص التي يمثلها الذكاء
الاصطناعي بالنسبة للقارة الإفريقية، موضحا أنه إذا كان الذكاء الاصطناعي أداة
للتنمية والتقدم لفائدة الإنسانية، فإنه أيضا سلاح ذو حدين، لأنه إذا أسيء
استخدامه، يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الانقسامات وتغذية عدم الاستقرار ويشكل أداة
تخريبية في يد الفاعلين من غير الدول، مؤكدا أن الأرقام تتحدث عن نفسها، إذ ارتفعت
نسبة مقاطع الفيديو المزيفة بـ900 في المائة منذ سنة 2019، وزادت الهجمات
الإلكترونية باستخدام الذكاء الاصطناعي بين سنتي 2019 و2022 بنسبة 300 في المائة،
واستخدمت 40 في المائة من الجماعات الإرهابية طائرات بدون طيار في هجماتها،
بالإضافة إلى تأثر 47 بلدا جراء حملات التضليل خلال سنة 2023، ما أثر بشكل مباشر
على عملياتها الديمقراطية.
وفي مواجهة هذه التحديات، شدد السيد "بوريطة" على
ضرورة أن تتموقع إفريقيا كفاعل رئيسي في الحكامة العالمية للذكاء الاصطناعي، مشيرا
إلى أن الذكاء الاصطناعي لا ينطوي على رهان مرتبط بالأمن والاستقرار فحسب، بل يشكل
أيضا محركا مهما للنمو الاقتصادي، موضحا أنه بحلول سنة 2030، من المتوقع أن يضخ
الذكاء الاصطناعي 15.700 مليار دولار في الاقتصاد العالمي، ويرفع الإنتاج الزراعي
بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المائة، وأن يسرع معدل نمو بعض البلدان بنسبة 40 في
المائة، مشددا على ضرورة تغلب إفريقيا على الثغرات الهيكلية من أجل الاستغلال
الكامل لإمكانات الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن 60 في المائة من ساكنة إفريقيا لم
تلج بعد إلى الإنترنت، وأقل من 2 في المائة من البيانات المستخدمة في الذكاء
الاصطناعي توجد في القارة، و1 في المائة فقط من المواهب العالمية في مجال الذكاء
الاصطناعي تتمركز في إفريقيا.
ولتجاوز هذه الإشكالات، اقترح المغرب سلسلة من التدابير
الملموسة، لا سيما إحداث صندوق إفريقي للذكاء الاصطناعي، وإرساء استراتيجية
إفريقية لجمع البيانات وتثمينها، وإطلاق برنامج مكثف للتكوين من أجل خلق نخبة
إفريقية في مجال الذكاء الاصطناعي.
وأضاف الوزير أن المملكة، الرائدة إفريقيا في مجال الذكاء
الاصطناعي، باشرت بالفعل مبادرات هامة في هذا الشأن، منها استراتيجية "المغرب
الرقمي 2030"، التي تهدف إلى تكوين 100 ألف موهبة سنويا، وإطلاق برنامج وطني
لتعريف الأطفال بالذكاء الاصطناعي، قبل أسبوعين، دون إغفال أن عاصمة المملكة تحتضن
أول مركز إفريقي لليونيسكو مخصص للذكاء الاصطناعي
"Ai Movement".
وعلى الصعيد الدولي، أبرز السيد "بوريطة" أن المغرب
اضطلع بدور رئيسي في اعتماد القرارات الأممية الأولى حول الذكاء الاصطناعي، وشارك
في تأسيس مجموعة الأصدقاء بشأن الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة، التي
تضم أكثر من 70 بلدا، داعيا إلى عمل إفريقي منسق وملموس، مشددا على أن
"التقاعس هو عدونا المشترك".
وفي هذا السياق، اقترحت المملكة إضفاء الطابع المؤسساتي على
شبكة إفريقية من المراكز الوطنية للذكاء الاصطناعي وإنشاء لجنة من الخبراء
الأفارقة لمواكبة تنفيذ الاستراتيجية القارية.
وفي الأخير، جدد السيد "بوريطة" تأكيد رغبة المغرب في
العمل جنبا إلى جنب مع شركائه الأفارقة لجعل الذكاء الاصطناعي أداة للتنمية
والاستقرار، مستحضرا تأكيد صاحب الجلالة الملك محمد السادس على أن إفريقيا مطالبة
بالإيمان بقدراتها وأخذ زمام أمورها بيدها.
وخلص الوزير إلى أن "الذكاء الاصطناعي لن ينتظر حتى نكون
مستعدين. فهو موجود بالفعل، ويعيد تشكيل ميزان القوى. والخيار بسيط؛ إما أن نتحد
للتحكم في هذا التحول، أو سنعاني من العواقب".