مهرجان كتارا يناقش الرواية المغربية بين التأسيس والامتداد


مهرجان كتارا يناقش الرواية المغربية بين التأسيس والامتداد
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

       بحثت ندوة، نظمت مساء أمس الأربعاء بالدوحة ضمن فعاليات مهرجان كتارا للرواية العربية في دورته العاشرة، موضوع "الرواية المغربية.. التأسيس والامتداد" وذلك احتفاء بتجربة الروائي المغربي التهامي الوزاني الذي تم اختياره من قبل المنظمين شخصية العام.

الندوة التي أدارها الصحافي المغربي مصطفى البقالي، وعرفت حضورا وازنا لكتاب ومفكرين وإعلاميين عرب تمت مقاربته من زاويتين: الاولى طرحتها زهور كرام الروائية والناقدة والأكاديمية المغربية تحت عنوان "الرواية المغربية ..التكون والتحول " فيما بسط عبد الرحيم العلام، الباحث والناقد ورئيس اتحاد كتاب المغرب، زاويته من خلال رواية "الزاوية" للتهامي الوزاني متناولا سؤالي النشأة والكتابة في الرواية المغربية.

وفي معرض تفكيكها لمفهومي التكون والتحول أشارت زهور كرام إلى أن الرواية المغربية تحققت في إطار وضعية امتزجت فيها مجموعة من المكونات التعبيرية، مقدمة نموذجا لذلك رواية الزاوية للتهامي الوزاني والتي مزجت برأيها بين المكون الصوفي والتاريخي والذاتي وكلها تفاعلت وخلقت تأثيرا في طبيعة اللغة والشخصية بل تأثيرا في النص بكامله.

ثم توقفت الكاتبة، بعد ذلك، عند تجربة السيرة الذاتية، من خلال استحضار رواية في الطفولة لعبد المجيد بنجلون، حيث سجلت أنه تم التحرر من الصوفية والاقتراب أكثر من نبض المجتمع إلى جانب هيمنة السردي والتخييلي ، مشيرة إلى أنه، عند الانتقال إلى الرواية، في عهد الاستقلال كما ظهرت مع مجموعة من الروائيين المغاربة، من أمثال عبد الكريم غلاب ومبارك ربيع أو ما يسمى بالرواية المنفتحة على جميع مكونات السرد، يتم تسجيل تأثير قضايا الاستعمار والاستقلال في النصوص مع هيمنة فضاءات المدينة على مستوى الكتابة.

أما خلال "مرحلة التجريب"، سواء على مستوى بنية الشكل او على صعيد التجنيس، فاعتبرت الكاتبة زهور كرام أن الرواية المغربية تشكلت من حالة التكون وهي تتدرج في إطار تطورها "حتى لا أقول في إطار نضجها" لتنتقل الكاتبة بعد ذلك إلى بسط مفهوم التحول، مشيرة، في هذا الصدد، إلى أن هذا المفهوم هو السمة الذي تميز الرواية المغربية لأنه منذ بدايتها، وهي تعيش هذا التحول " دائمة التحول والتغير من داخلها ".

وخلصت الكاتبة، زهور كرام، إلى أن هذا التحول والتغير الذي عرفته الرواية المغربية هو الذي جعلها متنوعة ومتغيرة باستمرار، وجعلها، أيضا، تلتقط القضايا التي تطرح على المجتمع المغربي، مضيفة ان طبيعة الرواية المغربية أثر فيها المناخ المغربي بكل تجلياته، الفكري والفلسفي والثقافي النقدي والأكاديمي والعلمي إلى جانب الخصوصية السياسية للمغرب، إذ لا يمكن بحسب الكاتبة "التفكير في الرواية المغربية بعيدا عن الشرط التخصيبي لها ".

أما عبد الرحيم العلام فقارب في مداخلته، نص "الزاوية" للتهامي الوزاني الصادر عام ١٩٤٢، من زاوية ريادته وتكونه وكتابته وتلقيه، متناولا سؤال "البداية" و"النشأة"، في الرواية المغربية، بما أنه سؤال، يقول العلام، قد شغل النقاد والمهتمين في المغرب، بمثل ما شغل نظراءهم في مشاهد روائية عربية أخرى.

وبعد أن أشار إلى أن "الرواية" هي حديثة النشأة في الأدب المغربي، مقارنة بزمن ظهورها في مشاهد روائية عربية أخرى سباقة، أبرز العلام أن المشهد الروائي المغربي نفسه، لم يكن بمنأى عن مطارحة سؤال البداية والنص الأول، حيث تعددت آراء النقاد بهذا الخصوص، في انتصارهم لنصوص روائية بعينها، في حين استقر رأي نقاد آخرين، بعد ذلك، على نص "الزاوية" للتهامي الوزاني، في كونه هو الذي يشكل البداية التأسيسية للرواية المغربية.

وبعد ان تطرق لتفاوت أراء النقاد على مستوى تحديد النص الروائي الأول، وإن استقر الرأي اليوم على نص "الزاوية"، وكذا لتفاوت هؤلاء النقاد، أيضا، على مستوى طبيعة تلقيهم وقراءتهم لهذا النص، أكد العلام أنه يمكن المغامرة بالقول إن نشأة الرواية في المغرب (في الفترة الممتدة ما بين 1942 و1965)، قد ارتبطت في عمومها بكتابة السيرة الذاتية تحديدا، من خلال مجموعة من نصوصها السير الذاتية الأولى الصادرة في تلك الفترة.

وهنا، يظهر حسب الدكتور العلام، أن التهامي الوزاني، قد كتب سيرته الذاتية "الزاوية"، وفق منطق الكتابة عن الذات الذي كان سائدا قبل عصره، لدى بعض الفلاسفة والمؤرخين والعلماء الغربيين والعرب القدامى، ممن كتبوا عن تجاربهم الذاتية، في ارتباطها بأبعاد أخرى موازية، كالدين والتصوف والصراع الروحي والنفسي والأخلاق والسياسة والتربية، مبرزا المساهمة الكبيرة للتصوف تحديدا في ترسيخ ثقافة الكتابة عن الذات، عند التهامي الوزاني، وتوسيع مجالها ووظائفها.

يشار الى الندوة تندرج في إطار سلسلة أنشطة خصصتها اللجنة المنظمة للاحتفاء بالتهامي الوزاني، ومنها معرض للفنون التشكيلية، مع العلم أن "مكتبة كتارا للرواية العريية " خصصت جميع معروضاتها للرواية المغربية، وذلك في سياق مواكبة مهرجان كتارا للانشطة المخلدة للعام الثقافي قطر المغرب 2024.

اترك تعليقاً