مهرجان فاس للثقافة الصوفية يقارب موضوع ما بعد الأنسنة ودور القيم الروحية


مهرجان فاس للثقافة الصوفية يقارب موضوع ما بعد الأنسنة ودور القيم الروحية صورة - أ.4.ب
أفريكا فور بريس - عياد اسويطط

      في إطار مهرجان فاس للثقافة الصوفية، في دورته السادسة عشرة، والمنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة، الملك محمد السادس، شهدت المدرسة البوعنانية، صبيحة هذا اليوم الخميس، مائدة مستديرة، تحت عنوان "ما بعد الأنسنة ودور القيم الروحية"، نشطته نخبة من المفكرين من مشارب معرفية مختلفة، وباللغتين الفرنسية والإنجليزية.

وهكذا انطلقت الندوة بترحيب مدير المهرجان، السيد فوزي الصقلي، بضيوف اللقاء، متدخلين وجمهورا، وقدم فرشا لموضوع الندوة، وللسياق، المتجدد، الذي فرض مثل هذه المواضيع، في زمن طغت عليه الماديات.

ورغم الاختلاف، بين السادة المتدخلين، في الانتماء الجغرافي (المغرب – فرنسا – الولايات المتحدة الأمريكية – أستراليا – باكستان)، وفي العقائد والديانات (المسيحية والإسلام المعلنان من طرف بعض المتدخلين)، فالإجابات عن الإشكال المطروح، كانت تتقاطع في الكثير من الجوانب، لعل أهمها أن الحياة المعاصرة،  لا يمكن أن تستمر، بشكل يحس المرء فيه أنه إنسان، دون أن يفكر، ويشعر بكونه ليس آلة تتحرك وفق برمجة.

واستطاعت التدخلات أن ترقى إلى مستوى أكاديمي، بامتياز، حين تم الاستشهاد بفلاسفة الغرب والشرق، على حد سواء، فما يخص اعتبار الحياة فاقدة للنسغ إذا تخلى الإنسان عن إنسانيته، عن جانبه الروحي الذي يعطيه" معنى"، وفي مقابل ذلك، فالانجراف وراء التكنولوجيا، في مختلف تجلياتها (الذكاء الاصطناعي نموذجا)، فذلك قد يؤدي، كما أدى في الماضي، إلى الحروب النووية القاتلة، وإلى الاستعمار البغيض.

ومن منظور اقتصادي للموضوع، رأى أحد المتدخلين، أن الإنسانية، فيما وصلت إليه من تقدم تقني هائل، جعلها تعتقد أن الإجابة النهائية (نهاية التاريخ)، عن مصير الإنسان قد تحققت بفضل الذكاء الاصطناعي، الذي يجب الاستثمار فيه، والذي خلق، فعلا، نوعا من التسابق، والتصارع لامتلاكه.

لكن، يقول الباحث، محمد غاني، إن التخلي عن الجانب الروحاني، وعدم تنمية القدرات الفردية لن يؤدي إلا إلى مزيد من الشرخ بين بني البشر، فلا يمكن معرفة الذات إلى بالجانب الروحي، الجانب الذاتي الدفين الذي نشترك فيه جميعا.

وتطرق السيد وديك، الآتي من أستراليا، لدور التواصل في خلق التعايش والمحبة الإنسانية، فرأى أنه لا مفر للتكنولوجيا أن تتواصل مع الجانب الروحاني في الإنساني، وأنه يجب "الانتقال من البحث عن التكنولوجيا الاستهلاكية إلى البحث عن التكنولوجيا الروحانية".

 وبما أن الشرق الإسلامي، باكستان نموذجا، استطاع أن يصل إلى مصاف الدول القوية، ولو عسكريا، فالباحثة نور، استطاعت باللغة الإنجليزية (ترجم لها للفرنسية محمد غاني)، أن تجلب اهتمام الجمهور، الذي كان نوعيا، ومن أعراق مختلفة، وذلك حينما ركزت السيدة نور، على دور الجانب الروحي (نفث الله تعالى في آدم من روحه – طلب الله تعالى من الملائكة للسجود لآدم الحامل لروح الله)، الذي ينتقل إلى العباد عن طريق آدم، والذي لن يستطيع أي ذكاء (الذكاء الاصطناعي) أن يقاومه، أو يحل محله.

وأجمل ما ختمت به السيدة نور قولها: إن الذهن/ العقل يعرف الله، من خلال قولنا: حسبي الله، لا حسبي التكنولوجيا.

اترك تعليقاً