عبد الكريم جويطي يعتبر الرواية تحتفي بالبسطاء والنكرات
قال الأديب المغربي، عبد الكريم جويطي، اليوم الجمعة بالرباط، إن الرواية هي فن يحتفي بالإنسان "النكرة والبسيط" الذي لا يعرفه أحد، ويضعه في قلب العالم.
وقال جويطي، في محاضرة نظمها المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب حول موضوع "الرواية والتاريخ"، إنه إذا كانت الملاحم التاريخية تهتم بالأبطال والآلهة التي صنعت التاريخ، فإن فن الرواية هي الحكي عن الإنسان البسيط الذي أخذ مقاليد مصيره بيده، وتمجيده.
وأضاف صاحب رواية "المغاربة" أن رواية "دون كيخوت" للأديب ثيربانتيس، شكلت منعطفا في تاريخ الكتابة، باعتبارها جعلت الإنسان مدعوا لتفسير العالم والتعامل معه باعتباره سؤالا.
وقال إنه، منذ ذلك، أوكلت لفن الرواية مهمة تبيان محنة الإنسان في الأزمنة المعاصرة، ورصد تجربته التي تتجسد في شعرية القلب ونثرية الحياة الاجتماعية، وهو ما جعل الحياة اليومية المبتذلة التي كان يعافها أدب الملاحم تصعد إلى صفحات التاريخ.
وأبرز الحائز على جائزة المغرب للكتاب القدرات المتعددة لفن الرواية، بما فيها بناء ذاكرة فردية وجماعية متناغمة مع العالم، والقدرة على السخرية من أبطال مجدهم التاريخ، والقدرة على التنسيب وتقويض الوثوقية التي يدعيها التاريخ.
وأضاف جويطي أن فن الرواية مكن من فضح الفظاعات التي ارتكبها الدكتاتوريون عبر التاريخ، أكثر مما فعلت الأحزاب والتقارير، تماما مثلما مكن من حكي "وقائع صغيرة بلا مجد يمكن لكل واحد منا أن يجد نفسه فيها".
وأبرز خصوصية آلية السرد التي وظفها الإنسان حين خروجه من الطبيعة إلى الثقافة، حيث لم يعد يعول على النقوش في جدران المغارات، وأفسح المجال للغة التي أعطته القدرة تخليد تجاربه في الحكايات الشفهية.
وحسب جويطي، فإن "الرواية والتاريخ يشتركان في السرد، ونحن ندين للسرد بإنسانيتنا. لم يكن بالإمكان أن ننقل تجاربنا إلا عن طريقه. السرد هو الذي بنى إنسانيتنا وذاكرتنا".
وكان مدير المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب، رحال بوبريك، أكد في تقديمه لهذه المحاضرة، أن عقد هذا اللقاء يندرج في إطار المهام المنوطة بالمعهد الهادفة إلى الارتقاء بالمعرفة المتصلة بماضي المغرب القريب والبعيد مع الانفتاح على مختلف الأطراف المتفاعلة مع الذات والشخصية المغربية عبر العصور.
وأبرز بوبريك، في هذا الصدد، أهمية الانكباب على مختلف التعابير الفنية والأدبية التي وظفت التاريخ والمعرفة التاريخية كمصدر للإلهام في بناء سرديتها الإبداعية، بما في ذلك الرواية التي تكون محفزا لقرائها للاطلاع على النصوص التاريخية، وتمكن من إحياء الفترات الزمنية أو الشخصيات التاريخية بطريقة تجعلها أكثر قربا لهم.