اليمن وأزمة الغذاء
يبدو أن مسارات الأزمة في اليمن تتشابك، نتيجة لمراوحة الجهود الدبلوماسية الإقليمية والدولية بين النجاح الطفيف والإخفاق الناتج عن تصلب المواقف، وذلك بعد أكثر من 8 سنوات من الحرب بين الحكومة وجماعة الحوثي خلفت أزمة إنسانية وتدهورا اقتصاديا وتمزقا في النسيج الاجتماعي والسياسي، لتبقى سيناريوهات المستقبل يلفها الغموض وتعدد الاحتمالات، بين التفاؤل والتشاؤم، ومدى إمكانية التوصل لحل سياسي شامل ومستدام. وقد حذر تقرير جديد لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) وبرنامج الأغذية العالمي حول التصنيف المرحلي المتكامل لليمن ، من أن البلاد لاتزال تحتاج إلى اهتمام خاص حيث يطارد شبح الجوع ملايين المواطنين ويمكن أن يتدهور الوضع إلى أسوأ من ذلك إذا لم يتم فعل شيء لمعالجة المسببات الأساسية لانعدام الأمن الغذائي في هذا البلد الواقع في الشرق الأوسط. وأظهر أنه خلال الفترة بين شهري يناير وماي 2023 عانى حوالي 3.2 مليون شخص من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة اليمنية حيث تم تصنيفهم في مرحلة غياب الأمن الغذائي الشديد (المرحلة الثالثة وما فوق من التصنيف المرحلي المتكامل) وذلك يمثل انخفاضا بنسبة 23 في المئة من التقديرات للفترة ما بين أكتوبر ودجنبر 2022. وسجل التقرير تحسن وضع الأمن الغذائي في المديريات التي تقع تحت سلطة الحكومة اليمنية بشكل طفيف خلال الأشهر الخمسة الأولى من هذا العام بينما ارتفعت مستويات سوء التغذية الحاد مقارنة بالفترة نفسها من العام 2022 ، مضيفا أن التوقعات تشير إلى أنه بالنسبة للفترة من الوقت الراهن وحتى نهاية عام 2023 هناك حاجة لاستثمارات برامجية أكثر لأن هذا التحسن المتواضع يمكن أن يتراجع وذلك حسب تحذير وكالات الأمم المتحدة. و قال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد غريسلي، إن " الأمم المتحدة وشركائها قد بذلوا جهودا كبيرة العام الماضي لدرء خطر انعدام الأمن الغذائي إلا أن هذه المكاسب لا زالت هشة ولا زال هناك 17 مليون شخص في اليمن يعانون من انعدام الأمن الغذائي. كما أشار ممثل منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة في اليمن ، حسين جادين، إلى أن "المنظمة منخرطة في العمل الجاد وبشكل مباشر مع المزارعين على الأرض لتمكينهم من الحفاظ على مصادر رزقهم وسبل معيشتهم حيث نسعى لضمان أن يتمكن صغار المزارعين في اليمن من مواجهة أي صدمات مستقبلية قد تؤثر على الأمن الغذائي ، مؤكدا أن العمل ركز على مختلف التدخلات المنفذة على تحسين الأمن الغذائي على مستوى الأسر وزيادة الدخل من خلال تحسين ممارسات الإنتاج الزراعي وزيادة فرص العمالة وتنويع سبل العيش بطريقة مستدامة تعزز العيش المشترك بسلام. وتسببت الحرب في اليمن منذ عام 2014 بين القوات الموالية للحكومة والمتمردين الحوثيين في مقتل أكثر من 377 ألف شخص ، كما أدت إلى أزمة إنسانية وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم مع نزوح ملايين الأشخاص، لتبقى اليمن من أكثر الدول انعداما للأمن الغذائي على المستوى العالمي والسبب الرئيسي في ذلك هو تأثير الصراع الدائر في البلد والتدهور الاقتصادي.