النظام الأمني الفرنسي في قفص الاتهام الدولي
تعرف الساحة الفرنسية جدلا عميقا حول مقتل الشاب نائل على يد الشرطة في نانتير ، حيث عبرت نقابة القضاء أن السلطة القضائية بفرنسا "تعاني، قانونا بعد قانون، من إرساء نظام شرطة ينتهك حقوق المواطنين وحرياتهم، ويحرمهم من الوصول إلى العدالة، ويمنع المراقبة القضائية الحقيقية للشرطة باسم الأمن".
وتابعت الهيئة قائلة: "أمس كان القضاء يتهم بالتراخي، والترويض العقائدي، والتسييس، وكل الشرور، فهل ستعلق عليه اليوم فضيلة التهدئة ؟"، مبرزة أن الحكومة، ورئيس الدولة، وبعض نقابات الشرطة وجميع المنتقدين المعتادين لاستقلال القضاء يخدمون هدفا واحدا فقط: ألا وهو عدم مواجهة السؤال المنهجي الذي تثيره مرة أخرى وفاة مراهق من حي شعبي تحت رصاص الشرطة.
واعتبرت النقابة أنه إذا كان يجب على المؤسسة القضائية، من بين أمور أخرى، أن تنمي استقلاليتها كل يوم، بما في ذلك تجاه الشرطة وعدم السماح لنفسها بالانجرار نحو تجريم الضحايا تبعا لخطاب وسائل إعلام معينة، فإنها "لا يمكن أن تفعل شيئا، أو تفعل القليل جدا، ضد خطاب سياسي مسيئ ينفي وجود عنف للشرطة أو ممارسات تمييزية من قبلها".
وهكذا، دعت النقابة إلى إلغاء الفقرة 4 من المادة L.435-1 من قانون الأمن الداخلي، والتي تسمح باستخدام السلاح في حال رفض الامتثال، مشيرة إلى أن التزايد المرعب للوفيات والإصابات بنيران الشرطة خلال عمليات التفتيش المروري يقدم "أدلة مأساوية على تزايد انعدام الأمن للمواطنين في علاقاتهم مع الشرطة".
من جهتها كانت الأمم المتحدة قد طلبت، الجمعة، من فرنسا أن تتصدى بجدية لمشاكل العنصرية والتمييز العنصري داخل قوات الشرطة لديها، بعد ثلاثة أيام من وفاة الشاب نائل.
وقالت المتحدثة باسم المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إنه "حان الوقت الآن للبلاد للتعامل بجدية مع قضايا العنصرية والتمييز العنصري العميقة بين سلطات إنفاذ القانون"، كما ندد الاتحاد الدولي النقابي بفرنسا بـ "وحشية الشرطة" و"الاعتقالات العشوائية" خلال المظاهرات ضد إصلاح نظام التقاعد الذي كان سيئا للغاية.
وقال في الإصدار الأخير من مؤشر الحقوق في العالم، إن المظاهرات ضد رفع سن التقاعد إلى 64 "أسفرت عن وحشية الشرطة والاعتقالات العشوائية والهجمات بالغاز المسيل للدموع".
وفي السياق نفسه، دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فرنسا إلى الانتباه لأوضاع حقوق الإنسان في البلاد، مشيرا بشكل خاص إلى الهجمات على المهاجرين، والتنميط العنصري، وعنف الشرطة، والاستخدام المفرط للقوة من قبل السلطات أثناء المظاهرات.
وفي ارتباط بالوضع المتأزم والمتدهور لحقوق الإنسان بفرنسا، نددت الرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان بـ "المنعطف السلطوي" في فرنسا و"ازدراء" الديمقراطية البرلمانية والاجتماعية، الوضع الذي يمتد الآن ليشمل الحقوق الأساسية.
يبقى إنشاء دائرة تحقيق مستقلة وإجراء إصلاحات عميقة في ممارسات الشرطة والقضاء، "السبيل الوحيد لاستعادة ثقة المواطنين في الشرطة والعدالة الخاصة بهم" في ظل سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان بعيدا عن العنصرية.