المغرب وإفريقيا علاقة متجذرة عبر التاريخ


المغرب وإفريقيا علاقة متجذرة عبر التاريخ
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      منذ تأسيس الدولة الإسلامية هب المسلمون إلى نشر الإسلام والتعريف بدعوته في مختلف بقاع المعمور.  وقد كان لدولة المرابطين التي أسسها القائد عبد الله بن ياسين سنة 434هـ بالمغرب و رسخ دعائمها السلطان أبو يعقوب يوسف بن تاشفين اللمتوني  دور كبير في انتشار الإسلام في القارة الإفريقية حيث انطلق هذا القائد بعد تثبيت الإسلام في جميع مناطق المغرب إلى بلدان إفزيقيا التي كانت تعيش أوضاعا مزرية  لاستكمال ما بدأه القادة السابقون و على رأسهم  أبو بكر بن عمر اللمتوني الدي  يرجع له الفضل في نشر الإسلام في كثير من بلاد السودان. 

وعلى الرغم من الصعوبات التي واجهوها سواء من حيث طبيعة الصحراء الوعرة أو من حيث تمسك سكانها بعاداتهم وتقاليدهم التي كانت معظمها منافية لتعاليم الدين الإسلامي ومبادئه السمحة انطلقت دعوة المرابطين من صحاري غرب أفريقيا التي كانت شعوبها تعاني من الفقر وانتشار البدع و الخرافات واستطاعوا إيصال الإسلام إلى النيجر بل تمكنوا من نقل الحضارة الإسلامية من خلال نشر العلم و بناء المدارس و المنشآت العلمية. 

وواصلوا فتوحاتهم إلى دولة السنغال التي كانت بعض مناطقها تعيش حالة من الحروب و الصراعات و تمارس بعض الطقوس البعيدة عن الإسلام .و تمكنوا أيضا من التوجه إلى غانا ونشر العدل والقيم الإسلامية 

في الكثير من الدول الافريقية التي كانت تعاني من الجهل والظلم والفقر. 

وفي عهد الموحدين ازدهرت القوافل العابرة للصحراء و استطاع المغاربة إيصال المنتوجات التجارية إلى كل بقاع إفريقيا كما استمروا في إرسال بعثات الفقهاء و العلماء و كان لهم باع كبير في هدا المجال.

و عندما وجد الأفارقة أنفسهم في مواجهة الغزو الأوروبي  بعد تقهقر الدولة العثمانية و تراجع دولة بني مرين في الدفاع عن الساحل الافريقي برزت  أطماع أوربا التي توغلت في أعماق البلاد و سلبت خيراتها 

غير أن الأفارقة  استطاعوا مقاومة الغزو الاستعماري الأوروبي الذي استعبد الأهالي وسبى النساء واستغل الأطفال و نهب الثروات الطبيعية والتحف التاريخية . و قد وجد المسلمون من الأفارقة في الإسلام حصنا منيعا حيث تشبثوا به و حافظوا على مبادئه فكان الانتصار حليفهم.

و في عهد الدولة العلوية أولى ملوكها أهمية قصوى للحفاظ على العلاقات القائمة مع الدول الإفريقية وتطويرها على جميع المستويات خصوصا في عهد الملك محمد السادس الذي  أسس لعلاقة جديدة مبنية على التعاون و التضامن في مختلف المجالات بما فيها المجال الروحي و محاربة الإرهاب.

وهكذا وفي إطار قاعدة رابح رابح وضع المغرب إفريقيا ضمن أولويات سياسته الاقتصادية من خلال دعم جهود الدول الافريقية لبناء اقتصادات قوية عبر نقل تجاربه و خبراته و تكوين الموارد البشرية٬ بالإضافة إلى الاستثمار في القطاعات الحيوية. 

كما سعى المغرب إلى خلق شراكات استراتيجية سواء مع القطاعات الحكومية أو الفاعلين في القطاع الخاص في عدة دول كالسنغال و نيجيريا و بوركينافاسو و غانا مالي و كوت ديفوار و الغابون وغينيا شملت مجالات الطاقة و المناخ والفلاحة والتجارة و البنوك و كذا التعليم.

ولأن المغرب يعتز بانتمائه القاري وجذوره المشتركة التي تشكل جزءا من هويته وتاريخه تحرص المملكة على تمتين هذه الروابط وتحصينها من خلال التعاون في المجال الثقافي ودعم التظاهرات الروحية وعلى رأسها التظاهرة التي يحييها منتسبو الطريقة التيجانية سواء بالعاصمة السينغالية داكار أو في العاصمة العلمية للمملكة فاس.

وفي نفس السياق تلعب المملكة في علاقتها مع الدول الإفريقية الإسلامية  دورا رياديا في نشر تعاليم الدين الإسلامي وقيم التضامن والتسامح حيث استطاعت مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة من خلال أنشطتها المتنوعة و برنامجها في  تكوين الأئمة من بسط حقيقة الإسلام وتصحيح رؤية البعض عنه.

دون أن ننسى الدور الكبير الذي يلعبه المغرب في محاربة الهجرة السرية سواء من خلال حراسته المشددة للحدود أو من خلال تقديم الرعاية والدعم الإنساني   للمهاجرين الأفارقة المتواجدين فوق أراضيه.

أما بالنسبة لمحاربة التطرف و الإرهاب فقد أشاد العالم بالدور الكبير للمغرب في هذا المجال وبتعاونه مع الأمم المتحدة في استتباب الأمن في الكثير من المناطق و بؤر التوتر. 

وفي الختام  لا بد من التأكيد على أن الدور الذي يلعبه المغرب في إفريقيا نابع من قناعته الراسخة بأن التاريخ المشترك و مصلحة القارة  تقتضي توحيد الجهود بين كافة دول القارة من أجل اتحاد إفريقي قوي اقتصاديا و سياسيا و ثقافيا و إعلاميا ، اتحاد آمن لا يقبل المس بسيادة الدول و!لا يشجع على الانفصال والعنف.

اترك تعليقاً