السويد من بر الأمن إلى بحر الدم
من دولة ينتشر فيها الأمن والأمان إلى دولة
يتزايد فيها انتشار أعمال العنف المرتبطة بالعصابات، إنها السويد، التي عصفت
الإحصائيات المثيرة للقلق والانفجارات المتكررة وحوادث إطلاق النار المميتة بشكل
متزايد بهدوئها واستقرار سكانها، وأصبحت الجرائم ترخي بضلالها على التصور الأمني
الذي كان ذات يوم مرتبطا ارتباطا وثيقا بهذا البلد الأسكندنافي المسالم.
هذا ما أوردت "سامية بوفوس" في تقريرها حيث أن دولة السويد سجلت خلال العام 139 انفجارا، كان آخرها
في 23 أكتوبر في "إنسكيدالين" جنوب ستوكهولم. وهذا الرقم المثير للاضطراب،
الذي عزى لحد كبير إلى احتدامات العصابات في المدن الرئيسية بالسويد، أعلى بست
مرات من الرقم القياسي السابق المسجل في دجنبر2019 حيث لقي أنذاك أحد عشر شخصا
حتفهم بإطلاق نار، مما جعل شتنبر 2023 الشهر الأكثر دموية في السويد من حيث إطلاق
النار.
وأدت الاشتباكات الأخيرة بين زعيم عصابة "فوكس
تروت" وساعده الأيمن السابق إلى اندلاع أعمال العنف، والتي أثرت بشكل خاص على
ستوكهولم وأوبسالا. ولا يقتصر الضحايا على أفراد العصابات، بل يشمل أيضا أشخاصا لا
علاقة لهم بالجريمة المنظمة، والذين تم استهدافهم أو حتى قتلهم عن طريق الخطأ.
ووفقا لرئيس الوزراء السويدي "أولف كريسترسون"،
فإن السويد تخوض صراعا مليئا بالعنف منذ عدة سنوات. صراع تفاقم بسبب عمليات الثأر
بين الجماعات الإجرامية المختلفة وتميز بزيادة في الانفجارات بالمباني السكنية
وإطلاق النار في الشوارع.
وفي مواجهة هذا الوضع، أعلن السيد "كريسترسون"
في نهاية شتنبر أن السلطة التنفيذية السويدية قررت شن هجوم كبير ضد العصابات. وقال
في خطاب متلفز بعد مقتل ثلاثة أشخاص في سلسلة من أعمال العنف المنسوبة إلى
العصابات: "سنتعقب العصابات وسنهزمها".
وعبر عن أسفه لأن "السويد لم تشهد مثل هذا
الوضع من قبل، ولا يواجه أي بلد أوروبي آخر حاليا مشكلة مماثلة"، مضيفا أن
إحدى العواقب المأساوية لهذا العنف هي تأثر العديد من الأطفال والأبرياء.
وشدد أيضا على أن الجريمة المنظمة الخطيرة زادت خلال
العقد الماضي، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ما أسماه "السذاجة"، مشيرا
بأصابع الاتهام إلى سياسة الهجرة غير المسؤولة وفشل الاندماج كعوامل مساهمة في هذا
الوضع.
وفي هذا السياق، جددت الحكومة التزامها بتنفيذ
تدابير جديدة لمكافحة هذه الآفة، تتراوح بين التنصت الوقائي على الهواتف والتفتيش
الجسدي في بعض المناطق، وتشديد العقوبات على مرتكبي الجرائم المتكررة ومضاعفة
العقوبات على بعض الجرائم.
وتابع "كريسترسون" أنه سيتم تقديم جميع
الجناة إلى العدالة، سواء كانوا مواطنين سويديين أو أجانب، مع إصدار أحكام بالسجن
والطرد، حتى في حالة عدم وجود جرائم محددة.
ويتعلق الأمر أيضا بتعزيز الأمن العام، من خلال
تثبيت كاميرات المراقبة في الأماكن العامة وبناء سجون مخصصة للشباب الجانحين.
وتسعى السويد جاهدة إلى تطويق هذه
الأزمة الأمنية بشكل حاسم واستعادة سمعتها كدولة مسالمة وآمنة ومستقرة.