يوم الأمم المتحدة للتعاون بين دول الجنوب مناسبة للتأمل في مسار تعاون جنوب-جنوب
يشكل يوم الأمم المتحدة للتعاون بين بلدان الجنوب، الذي يخلد هذه السنة تحت شعار "مستقبل أفضل بفضل التعاون بين بلدان الجنوب"، فرصة لتسليط الضوء على التقدم الذي أحرزته بلدان الجنوب، خلال السنوات الأخيرة، في المجالات الاقتصادية، الاجتماعية والسياسية.
ويعد هذا الحدث، الذي أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاحتفاء به في 22 دجنبر 2011، فرصة للمناقشة والتعرف على تطور ومساهمة التعاون بين بلدان الجنوب في تحقيق أهداف وتطلعات الشعوب والمجتمعات، وذلك بهدف المساهمة في شق الطريق نحو مستقبل أكثر شمولا واستدامة.
ويجري التعاون فيما بين بلدان الجنوب من خلال إطار من التعاون فيما بينها في المجالات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والبيئية، والتقنية. وبمشاركة بلدين ناميين أو أكثر، يمكن إقامة تعاون على أساس ثنائي أو إقليمي، أو داخل منطقة معينة، أو بين أقاليم بعينها. ومن خلال التعاون فيما بين بلدان الجنوب، تتبادل البلدان النامية المعارف والمهارات والخبرات والموارد لتحقيق أهدافها التنموية من خلال بذل جهودها المشتركة.
وهناك شكل آخر من أشكال الشراكة بين بلدان الجنوب يتمثل في التعاون الثلاثي الذي تقوم من خلاله البلدان المانحة التقليدية والمنظمات متعددة الأطراف بتيسير المبادرات بين بلدان الجنوب، لاسيما من خلال توفير أنظمة للتمويل، والتكوين، والتسيير، والتكنولوجيا.
ويسعى هذا اليوم، الذي كرسه مكتب الأمم المتحدة للتعاون بين بلدان الجنوب لتعزيز وتيسير التعاون بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي من أجل التنمية على الصعيد الدولي وعلى مستوى منظومة الأمم المتحدة، إلى تسليط الضوء على فرص وتحديات التعاون فيما بين بلدان الجنوب والإجراءات المتخذة والاتجاهات الناشئة في هذا المجال.
وفضلا عن كونه موجها لاستكمال التعاون بين الشمال والجنوب، يعد هذا اليوم أيضا فرصة لتسليط الضوء على جهود التعاون فيما بين بلدان الجنوب التي تبذلها الدول الأعضاء ومنظومة الأمم المتحدة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لمعالجة الأولويات الأكثر إلحاحا بشأن تحقيق خطة 2030.
وتشمل الأهداف الأساسية للتعاون بين بلدان الجنوب، التي تم وضعها وفقا لخطة عمل بوينس آيرس لتشجيع وتنفيذ التعاون التقني بين البلدان النامية، والتي صادقت عليها الجمعية العامة، تنمية وتعزيز استقلال البلدان النامية، وذلك من خلال تبادل الخبرات وتقاسم واستخدام مواردها التقنية وغيرها، فضلا عن تعزيز مهاراتها التكميلية، فضلا عن تحسين جودة التعاون الدولي التنموي، وتوطيد التواصل بين البلدان النامية من خلال الوعي بالمشاكل المشتركة وإدماج البلدان النامية في الأنشطة الاقتصادية الدولية.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن هذا اليوم يشكل فرصة "نحتفل فيها بما تجسده الوحدة والتضامن بين البلدان النامية من قوة تفضي إلى التحول"، وأضاف أنه "في هذا اليوم نتذكر أنه لا يمكن للبلدان تسخير الدعم متعدد الأطراف وتحقيق الازدهار المشترك إلا إذا تم وضع اليد في اليد".
وقال في رسالة بهذه المناسبة، إن التعاون بين بلدان الجنوب "لا ينتقص من مسؤولية الدول الأكثر غنى في الإسهام في التصدي لأوجه عدم المساواة المشهودة على الصعيد العالمي، ولا ي راد بهذا التعاون أن يحل محل التعاون بين بلدان الشمال والجنوب"، مشيرا إلى أن إقامة شراكات متينة بين بلدان الجنوب، والتعاون الثلاثي تظل ضرورية من أجل بناء مستقبل أفضل للجميع".
وبحسبه، يمكن لهذه الشراكات أن تعزز إرساء نظام مالي عالمي أكثر إنصافا وشمولا ويستجيب للتحديات التي تواجه البلدان النامية، مضيفا أنها يمكن أن تساعد في تسخير قوة الرقمنة والبيانات والحلول العلمية من أجل التنمية المستدامة.
كما أشار السيد غوتيريش إلى أن هذه الشراكات يمكن أن تساهم في تحسين جودة الحياة اليوم وحياة الأجيال المقبلة، من خلال بناء القدرة على الصمود وتمكين النساء والشباب.
ويتم تحديد مشاريع ومبادرات التعاون بين بلدان الجنوب من قبل الدول نفسها وتسترشد، من بين أمور أخرى، بمبادئ احترام السيادة الوطنية والاستقلال والمساواة واللامشروطية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والمصلحة المشتركة.
ويهدف التعاون بين بلدان الجنوب، الذي يعد شكلا من أشكال التضامن والتآزر بين بلدان الجنوب، إلى المساهمة في استقلالها الوطني والجماعي وتحقيق الأهداف التنموية، لاسيما خطة التنمية المستدامة لعام 2030، بالإضافة إلى تحسين رفاهية الساكنة.