قاعات سينما فاس: سفر في ذاكرة القاعات الضائعة، تأثير الإغلاق على المدينة


قاعات سينما فاس: سفر في ذاكرة القاعات الضائعة، تأثير الإغلاق على المدينة
أفريكا فور بريس - محمد التهامي بنيس

      وحيث أن مثل هذه الإغلاقات، لا تخص قاعات سينما مدينة فاس فقط، بل شملت جميع المدن تقريبا، فإن هذا الإجراء حد من تطوير الإنتاج السينمائي في المغرب، والذي عرف طفرة وقفزة نوعية منذ بداية الاستقلال بين " عام 1958 – إلى 2018 حيث تمكن المغرب من إنتاج 372 فيلما روائيا، وزاد العدد من عقد إلى عقد ليصل إلى 20 فيلما روائيا في السنة " * 15 – عبد الرحمن التازي. موفع تلغرام 23 – 8 – 2021، بل وتؤكد إحصائيات المركز السينمائي أن إنتاج الأفلام وصل إلى 25 فيلما طويلا وحوالي 80 فيلما قصيرا، ونظرا لغياب وتغييب قاعات العرض في جل المدن، نتيجة مشكلة القرصنة، وحصار القنوات الفضائية وانتشار تحميل الأفلام من الأنترنت، وعدم الاهتمام بتجهيز القاعات بشكل جذاب يجعلها مفضلة على العوامل المذكورة، فإن غيابها في فاس كان له وقع سيء:

  1 -  لا على الوضعية الاجتماعية لمن كانت مهنتهم مرتبطة بالقاعات المغلقة وحسب، أو مرتبطة بذلك الإحساس المليء بالحياة لدى المواطنين، وهم يتهافتون على أبوابها منحدرين من كل الفئات والطبقات الاجتماعية، لحد أن هذا التهافت كان يشعرها بنوع من المساواة والتضامن، حتى إذا ولجوا القاعة وبدأ العرض، تجدهم يهتفون ويفرحون ويصفقون لظهور صورة الملك أو شخصية مغربية أو إنجاز يتعرفون عليه بالصوت والصورة – هذا كان طبعا قبل ظهور التلفزيون الذي حول الفرجة إما للبيوت أو المقاهي

  2 - ولا على الوقع السيء الذي سببه إغلاق القاعات على أربابها المستثمرين وما تكبدوه من خسائر، وعلى استمرار التحفيز المطلوب لكل المشتغلين على إنتاج أفلامهم من جهة، وعلى تغييب عدد من الأنشطة التي كانت تعقب كل إصدار جديد. من تحليل ونقاش ووعي بالثقافة السينمائية.

 3 – ولا على واقع الثقافة السينمائية بالمدينة الذي انضاف إلى تراجع الأنشطة عموما وغياب النوادي الثقافية خصوصا، وإحجام المثقفين وانزواء الكثير منهم ، بل وحتى على مستوى رحاب الجامعة ومدرجاتها، التي لم نعد نرى فيها الإقبال على ما هو ثقافي لدرجة أن أطروحات نوقشت بدون متتبعين لا طلبة ولا أساتذة ولا جمهور، ولا مناخ ثقافي، حتى لا أدري هل غياب أنشطة الثقافة السينمائية، أدى إلى غياب الأنشطة الثقافية الأخرى أو العكس ، ولكن ما لا غبار عليه أن ذلك أثر في الثقافة الشعبية والتراث الشعبي أيضا.

فبعد أن كانت القاعات السينمائية الشغالة لا تكفي، وكنا نرى اقتحام السينما للمدارس ولدور الشباب وللساحات العمومية لعرض أفلام القرب والتوعية وتنشيط الثقافة، لتوقظ الحركة الثقافية وتحفز على الفعل الثقافي، انتقل ركوض القاعات السينمائية، إلى ركوض كل فعل ثقافي قد يكون من نتائج هذا الإهمال المشترك في حق إرث القاعات السينمائية التي عمرت بمدينة فاس ردحا من الزمن، هو،أيضا،                                                                                                                    - افتقاد حاضرة فاس اليوم لذاكرة الفرجة الجماعية

 - ضياع تراث ثقافي لمعمار معالم فضاءات سينمائية

 – رغم تمايزها وتفاوتات مستوى عمرانها ومستوى أفلامها رفعة الفن عامة     

 - ضياع التأريخ لما جسدته القاعات لنضال المقاومة في لقاءاتها ومسارها الذي جمعها برجال الفكر والثقافة وأنشطة الأندية السينمائية، واستقطاب رموز السينما العالمية والعربية لجلسات ثقافية ونقاشات فنية، ونذكر منهم الفنانة المغربية الراحلة، حبيبة المدكوري والفنانة المصرية أمينة رزق، ونذكر صلاح الدين بنموسى، والمخرج محمد عبد الرحمان التازي ابن المدينة.


اترك تعليقاً