قاعات سينما فاس: سفر في ذاكرة القاعات الضائعة تأثير الإغلاق على المدينة


قاعات سينما فاس: سفر في ذاكرة القاعات الضائعة تأثير الإغلاق على المدينة
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      كما نذكر، هنا وفي إطار تحدي إغلاق القاعات، استمرار تنظيم مهرجان فاس لسينما المدينة، في دورته 27 سنة 2023، الذي تطرق لموضوع واقع الاستثمار السينمائي بجهة فاس مكناس، والدور الهام الذي يضطلع به الفن السابع في تحريك العجلة الاقتصادية ومن بين مجالاتها: الحفاظ على ثقافة الصناعة التقليدية بالمدينة الغنية والفريدة من نوعها، والعمل على الترويج لها، بل وحمايتها.

   - وأضيف أن الاستعانة بالذكاء الاصطناعي واستطلاع رأي قنوات التواصل الاجتماعي، ومحاورة واستفسار بعض من لا زالوا أحياء ممن عايشوا، اوجايلوا الطفرة السينمائية في فاس، حول آثار هدم قاعات وإغلاق أخرى وإهمال ما تبقى، لم تفد بمعلومة، ولم تدل برأي، ولم أغتظ من عدم الاستجابة، مدركا أن فاقد الشيء لا يعطيه، لأن عملية حفظ هذه الذاكرة، سجلت غيابا جماعيا أفقيا وعموديا.

فهل عراقة المدينة ومجدها التاريخي أدى إلى اعتبار أن القاعات السينمائية، ليست جديرة بأن يكون لها مكان ضمن تراثها المعماري؟                                                                        

وأنا لا أعتقد ذلك، إذ أؤكد أن الثقافة بشكل عام، والثقافة السينمائية خاصة، كانت توفر عيشا لجماعة ما في منطقة معينة وفي فترة زمنية محددة، في رحاب مدينة معينة اسمها فاس، كان يستوجب الحفظ من الضياع، أو الحفظ كحد أدنى لوثائق ثبوت الهوية، في زمان تواجد تلك القاعات في أمكنتها من المدينة، وأعتبر أن تجاهل فعل هذا التثاقف وتأثر الثقافات - في حقبة تواجد ونشاط القاعات – عن طريق ما كان من تبادل وانتشار ثقافي، هو تجاهل يعد عنفا ثقافيا، ويلغي ما تم من تأثر وتلاقح، نتيجة الاتصال والاحتكاك والتعايش، والتغير في الحياة الاجتماعية، وفن الحياة الفاسية.

     بل أعتقد، جازما، أن إعادة الاعتبار لبعض القاعات – نظرا لموقعها ومكانتها التي إن لم نقل عنها تاريخية، مقارنة بالمأثر التاريخية الكثيرة الأخرى القائمة والصامدة، فعلى الأقل نقول: إن بعضها دخلت التاريخ، وأصبحت جزءاً مهماً من هوية المدينة وتراثها الثقافي، وتوفر رابطاً ملموساً بالماضي وتساعدنا على فهم تاريخنا المشترك: من تراث عمران القاعات السينمائية، الذي يشفع لها، أن يعاد لها اعتبارها لتعود لأنشطتها من جهة، وتفتح آفاق المساهمة في إحياء جانب من جوانب الثقافة التي تليق بمدينة بفاس كعاصمة علمية وروحية ، ولم لا كمدينة ذكية أو هي تنحو لتكون كذلك.

     وألفت الانتباه إلى أن إمكانيات تحقيق ذلك، يمكن أن يتم عن طريقّ:

1 – التواصل مع ملاك أو ورثة أو أوصياء القاعات التالية: الأندلس، وبيجو، وريكس، وأسطور، والأمل، الهلال، وبحث إمكانية إعادة تحديثها وإعادة افتتاحها.

2 – إدراج قاعات المدينة العتيقة: الأندلس، والأمل، والهلال، ضمن المهمة التي أنيطت بوكالة التنمية ورد الاعتبار لمدينة فاس، منذ 1989 بالمدينة العتيقة، ولو في إطار توسع مجالات تدخلاتها في 2016 لتشمل المدن التسع المشكلة لجهة فاس مكناس، خاصة بعد أن انتقلت إلى مرحلة تكريس التعاون مع المؤسسات الدولية في البرامج الوطنية الكبرى، حيث نرى إمكانية فتح قناة للتواصل، وبحث الموضوع مع سفارات الدول التي يملك أفراد من وطنها ملكية سينما بيجو، وريكس، أوسطور، خاصة وأن اتصالا كهذا المقترح، أعطى نتائجه بالنسبة لمسرح سينما سيرفانتيس بطنجة الذي كان مملوكة  للحكومة الإسبانية، ونقلت ملكيته، بشكل نهائي للمغربن بعد توقيع اتفاقية سنة 2019

3 - إدراجها ضمن لجنة المركز السينمائي المغربي لدعم رقمنة وتحديث وإنشاء القاعات السينمائية، منذ سنة 2022، التي سبق وأن عملت على إحداث وإنشاء سينما بالجديدة، وسينما فوكس ببني ملال، وعملت على تحديث سينما الدوليز بالدار البيضاء، ورقمنة كل من سينما الريف بالدار البيضاء، وسينما إسبانيول بتطوان، ولا شك أن هذا المركز لا يمانع في تحديث بعض هذه القاعات، حتى لا تظل أطلالا مشوهة.

4 – وأخيرا هل نطمع في أن تستفيد أهم هذه القاعات، من طفرة عمليات التطهير والإصلاح التي تجرى على كثير من أحياء المدينة لرد الاعتبار لها بالتوسعة واستعادة الجمالية المفقودة، استعدادا لاحتضان التظاهرتين الرياضيتين كأس إفريقيا 2025 وكأس العالم 2030.               

   إنها دعوة للتأمل السريع في هذا المقترح، الذي نراه ذا مكانة في تحقيق التنمية، وفي ظل النموذج التنموي الجديد، بدمج أهم وأشهر القاعات السينمائية في طفرة الإصلاحات الجارية، وإن لم تكن جاهزة لسنة 2025، فالوقت متاح لتكون في حلة راقية قبل 2030.                       

 إشارة هامة:

هذا النبش لا أعتبره كاملا، وأطمع في إغنائه ممن يتوفرون على توثيق، إن بالصورة أو الكلمة، مكتوبة أو مروية، خذمة لهذا التراث السينمائي بالمدينة.

اترك تعليقاً