توقيف زعيم حركة النهضة تثير قلقا كبيرا بتونس
يبدو أنه لم يشكل توقيف راشد الغنوشي، زعيم الحركة الإسلامية (النهضة) والرئيس السابق للبرلمان المنحل ، الاثنين الماضي ، إثر صدور مذكرة توقيف من النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب ، مفاجأة كبرى في تونس.
فقد تم نقل الغنوشي ، البالغ من العمر 81 عاما ، للاستجواب إلى ثكنة العوينة (تونس) حيث يوجد مقر القطب القضائي لمكافحة الإرهاب.
وكما كان متوقعا ، سرع تصريح أدلى به الغنوشي يوم 15 أبريل الجاري خلال احتفال تميز بحضور أعضاء من جبهة الخلاص (معارضة) بتوقيفه. فقد وجه زعيم الحركة الإسلامية ، خلال هذه الأمسية الرمضانية سهامه إلى السلطة ، بالقول إن " تونس دون إسلام سياسي أو يسار أو أي مكون من المكونات هي مشروع حرب أهلية " وهذا ما جعل وزارة الداخلية هذه المرة ، بأن تخرج عن صمتها بتصريح عبر مصدر مأذون ، أن وحدة أمنية أوقفت زعيم حركة النهضة يوم الاثنين 17 أبريل 2023 بأمر من النيابة العامة في القطب القضائي لمكافحة الإرهاب وأنه سيبقى على ذمة التحقيق في قضية تتعلق بتصريحاته ليوم 15 أبريل.
وبحسب ذات المصدر، فإن هذا الاعتقال " رافقه تفتيش منزله ومصادرة كل ما يمكن أن يكون مفيدا للتحقيقات ، بأمر من النائب العام " و داهمت الشرطة المقر المركزي لحركة النهضة (وسط تونس)، كما صدرت أوامر لمناضلي الحركة بإخلاء المقر.
ويرى المراقبون، أن كل المؤشرات تشير، حاليا، إلى أن الاعتقال في صفوف الحركة الإسلامية ليس قرارا معزولا . إذ حول هذا يؤكد مختار الجماعي، أحد محامي الغنوشي ، بأن اعتقالات أخرى تمت على هامش مداهمة منزل موكله ، موضحا أن عدد الموقوفين في صفوف قيادات النهضة غير معروف. كما أشار إلى انقطاع الاتصال مع القياديين محمد القوماني وبلقاسم حسن.
وفي ذات السياق، تشير كل المؤشرات إلى أن نفس الاجراءات ستطال ، حتما ، جبهة الخلاص الوطني.
ويضم هذا الائتلاف ، الذي يترأسه أحمد نجيب الشابي ، أحزابا وحركات سياسية تسعى الى مواجهة ما تعتبره مكوناتها " انقلابا " قاده الرئيس قيس سعيد في 25 يوليوز2021.
وقد كشفت مصادر أمنية ، أمس الثلاثاء 18 أبريل ، عن قرار لوزير الداخلية يمنع الاجتماعات في مقر حركة النهضة ومقر جبهة الخلاص.
وفي ظل حالة الطوارئ التي مددها الرئيس قيس سعيد حتى 31 دجنبر 2023 ، سيتم منع كل اجتماعات الحزب والجبهة ومؤتمراتهم الصحفية.
في حين ، نددت الحركة الإسلامية ، خلال ندوة صحفية ، بما أسمته " التطور الخطير" وطالبت بإطلاق سراح راشد الغنوشي فورا" والكف عما أسمته " استباحة النشطاء السياسيين المعارضين " حيث قال
القيادي في النهضة ، منذر الونيسي ، إن " الاعتقال تم بطريقة استعراضية ، وتم تفتيش منزل الغنوشي، واقتياده إلى جهة غير معلومة ، إذ توجه محاموه إلى ثكنة العوينة في البداية ، وتم نفي وجوده هناك ثم تأكد بعد ساعات أنه هناك " مؤكدا أنه " تم منع المحامين من حضور التحقيق "
وفي ذات السياق، يأتى رد فعل رئيس جبهة الخلاص الوطني، نجيب الشابي ، الذي قال إن " اعتقال زعيم أهم حزب سياسي في البلاد ، والذي أبدى اهتمامه الدائم بالعمل السياسي السلمي ، يثير "مرحلة جديدة في الأزمة " معتبرا إياه " انتقاما أعمى من المعارضين ".
وأدلى الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي ، أيضا، بدلوه في القضية ، متهما النظام الحالي " بترهيب المعارضة " وقال " ليس بهذه الطريقة يتم التعامل مع هذه الشخصيات. يجب معاملته كما يستوجب سنه ومكانته ".
وبالنسبة للمرزوقي فإن " النظام الحالي يدفع باتجاه العنف وزعزعة استقرار البلاد " .
ويجب التذكير أن متاعب الغنوشي مع السلطة والعدالة قد تضاعفت منذ 25 يوليوز 2021 . فقد مثل الغنوشي فبراير 2022 أمام القطب القضائي لمكافحة الارهاب في دعوى اتهمته بوصف الشرطيين " بالطغاة ". واستدعي الغنوشي أيضا في يوليوز الماضي ، حيث تم التحقيق معه في قضية تتعلق بتبييض أموال وفساد.
ومنذ فبراير 2023 ضاعفت السلطة الاعتقالات والاستجوابات ضد معارضي مشروعها.
ويقبع أكثر من عشرين من المعارضين والشخصيات ، بمن فيهم وزراء سابقون ورجال أعمال ونقابيون وصحفيون ، في السجون بتهم " التآمر على الأمن الداخلي للبلاد .