الفن والسياسة بين العالم العربي وأمريكا اللاتينية كتاب جماعي يبرز ثقافة متنوعة بين عالمين مختلفين


الفن والسياسة بين العالم العربي وأمريكا اللاتينية كتاب جماعي يبرز ثقافة متنوعة بين عالمين مختلفين
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      يستكشف الكتاب الجماعي "الفن والسياسة بين العالم العربي وأمريكا اللاتينية" التعبيرات الثقافية المتنوعة التي تم نسجها بين عالمين مختلفين، يفصل بينهما محيط كامل، والعديد من الأحكام المسبقة، خلال القرن العشرين.

ويبرز الكتاب، الذي أشرفت على تحريره لور غيرغيس، المؤرخة المتخصصة في الشرق الأوسط، ومارو بابون، وأستاذة الأدب المقارن، كيف أثرت أشكال التعبير الثقافي المختلفة على العلاقة بين هذين العالمين.

ويقدم الباحثون الثلاثة عشر، الذين شاركوا في هذا الكتاب، ثمانية إسهامات - بعضها كتبت بشكل مشترك- يحللون من خلالها ديناميات التبادل والحوار والتأثير التي أحدثتها موجات متعاقبة من المهاجرين الذين عبروا المحيط الأطلسي بحثا عن أفاق أوسع.

واستعرضت لور غيرغيس، في حديث صحفي، على هامش تقديمها لهذا العمل الجماعين خلال الأسبوع الجاري بمكتبة إيتيرنا كادينسيا في بوينس آيرس، الإطار العام لهذا العمل.

وقالت غيرغيس: إن "فكرة الكتاب تتمثل في استكشاف مفهوم الجماعة، بمعنى أوسع نسبيا، سواء تعلق الأمر بالعرب أو أحفادهم الذين يقولون، سيما خلال فترة ما بين الحربين العالميتين، بانتمائهم المزدوج إلى عالم عربي برزت فيه قوميات جديدة، سقوط الإمبراطورية العثمانية من جهة، والرغبة في إبراز مساهمة العرب في بناء الأمة الأرجنتينية، أو باقي الدول المضيفة في أمريكا اللاتينية من جهة أخرى".

ويبرز مؤلفو الكتاب كيف يساهم الفن، في تعبيراته الفردية والمؤسساتية والحكومية، في تعريف مفهوم الجماعة، وكيف يمكن تعبئة الفن لإشاعة التعريفات الحصرية لمفهوم الجماعة، مثل تعريفات الجمعيات العربية في أمريكا اللاتينية، التي تنحون حاليا، إلى تقديم رؤية "فولكلورية" عن الثقافة العربية، وكيف يمكن للفن أن يساهم، أيضا، في تخيل أشكال من المجتمع تسائل المنطق الهوياتي.

وفي إشارتها إلى الأبحاث السابقة التي تناولت تاريخ الهجرة العربية نحو أمريكا اللاتينية، تقول لور غيرغيس: إن هذا العمل الجديد، دون أن يدعي الإحاطة الشاملة، يسعى إلى تجاوز المقاربة التقليدية للهجرة، عبر تسليط الضوء على شخصيات انخرطت في توثيق العلاقات بين المنطقتين، دون أن تكون بالضرورة من أصول عربية لاتينية، أو من العرب المرتبطين عائليا بأمريكا اللاتينية.

ويستند هذا العمل، الذي يتمحور حول مفهوم الجماعة، إلى مجموعة من الأسئلة المترابطة، لاسيما موضوع الذاكرة، بوصفها مجالا خصبا للاستكشاف الفني، يكشف عن الروابط أو التوترات الكامنة بين بناء السرديات الفردية، والمؤسساتية، والوطنية.

وترى لور غيرغيس، التي تعرب عن أسفها لتصاعد "الراديكالية اليمينية والتعبيرات العنصرية الفجة التي تهدف إلى تشكيل هويات جماعية مغلقة وإقصائية"، أن قضية الجماعة باتت اليوم قضية سياسية بامتياز.

وفي أبحاثها السابقة حول اليسار العربي والأقباط في مصر، تناولت غيرغيس كيفية تشكل جماعات منغلقة مبنية على نفي الآخر، إلى جانب تجارب فكرية وإنسانية سعت إلى تخيل أنماط جديدة للتعايش، تقوم على نقد منطق الهوية الإقصائية.

وفي هذا السياق، يقدم الكتاب، الصادر باللغة الإنجليزية عن دار النشر (Brill)، تحليلا لمسارات الذاكرة لدى المهاجرين العرب في البرازيل، من خلال تناول توارث إحدى الأغاني رمزية (دراسة ديوغو بيرسيتو)، وتفكير معمق حول الانفصال الهوياتي، من خلال سيرة الكاتب المسرحي الأرجنتيني، ريكاردو هالاك، المنحدر من أصول يهودية سورية (دراسة سيلفينا غيسر)، بالإضافة إلى قراءة في أشكال التضامن العابر للحدود، خلال الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي.

ويبرز الكتاب أن التبادلات الثقافية بين العالم العربي وأمريكا اللاتينية تمثل مسارا طويلا ومتجذرا في التاريخ، ساهم فيه طيف متنوع من الفاعلين بما فيهم كتاب، وفنانون، وموسيقيون، ودبلوماسيون، ومهاجرون، وجمعيات ومنظمات مدنية، ومواطنون من العرب وغير العرب، الذين قاموا بأدوار "وسطاء ثقافيين" في بناء مسارات متعددة للتبادل الثقافي بين المنطقتين.

وتمكن الباحثون، المشاركون في هذا العمل الجماعي، من رفع تحدي استكشاف آفاق بحثية جديدة من خلال تحليل مجموعة من الإنتاجات الثقافية والرمزية التي تبرز تعقيد العلاقات بين العالم العربي وأمريكا اللاتينية، وتعقيد وغنى علاقاتهما.

اترك تعليقاً