الشعر المغربي في يومه العالمي : بؤس الشعر وانقراض الشعراء
بعد محمد السرغيني وعبد الله راجع ومحمد الميموني وعبد الكريم الطبال وعبد الرفيع الجواهري وثريا السقاط وعلال الحجام وامينة المريني ومليكة العاصمي والمهدي أخريف ومحسن أخريف وأحمد بركات ورشيد المومني ومحمد بنطلحة ومحمد بنيس، بعد هؤلاء ممن رحلوا أو الذين لازالوا يقاومون ، فقد الشعر المغربي بهاءه وتراجعت القصيدة عن الجذب والإمتاع.
الشعر كان رحلة البحث عن الشغف وكانت القصيدة نبيذا معتقا، ولم تكن جعة رخيصة مستوردة في فندق من خمسة نجوم .إنه صلاة في محراب الجمال الأبدي، وليس فرضا من فروض الولاء والطاعة، الشعر سنفونية تتراقص فيها المحبة والصفاء والعشق.
الشعر لغة جوانية حبلى بالآلام والآهات والتوجعات، والشعر، أيضا، لحن المحبين والمتصوفة والمجانين، وهو اغتراب وقلق وخوف، والقصيدة أنين المهمشين والحيارى والتائهين.
الشعر فضح للمجاملات، وليس جائزة برائحة الدم والبترول والدولار، الشعر انتصار لصراخ الجياع والقتلى والمقصيين، وليس رثاء في الصالونات المكيفة.
الشعر وفاء لنيرودا وبوشكين ولوركا والمعري ودنقل الصعاليك، وليس ركوعا للقتلة والمجرمين والمتربصين بالحب والسلم والسلام، إنه كلمة حق في وجه القبح والتسلط.
القصيدة بحث في المعرفة والحقيقة والجمال، وليست مهيجا جنسيا جنيسا يتلاعب بالعواطف والأحاسيس الجماعية.
الشاعر يا صاحبي، صوت الحق ولحن الحياة يعيد صياغة الصور دون مساحيق ومكياج وأقنعة، الشاعر من يعيد التوازن للعالم عندما يفقد البشر إنسانيتهم ويمجدون التفاهة والابتذال.
الشاعر نبي يرى ببصيرته ما لا يراه الآخرون بالبصر، ينصت لقلبه عندما يصر الجميع على الاستماع لسلط العقل والمنطق.
الشاعر كائن زئبقي منفلت يصعد إلى خلوته ليكشف العالم كشفا جديدا، الشاعر فيلسوف يلحن الحكمة بألياف الخيال ليمنح الناس إحساسا بالوجود الجواني.
بعد أولئك الرواد تعيش القصيدة عزلة قاتلة في غرفة عمليات باردة وموحشة يملأها محترفو المدح والمقالات الإخوانية.
كل عام ونحن بألف قصيدة وقصيدة.