الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في جنوب إفريقيا


 الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي في جنوب إفريقيا صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      منذ مطلع العام الجاري، وصلت أزمة الكهرباء في جنوب إفريقيا إلى مستويات غير مسبوقة، مما أصاب اقتصاد البلد في مقتل وأثار سخطا عارما بين الشركات كما بين الأسر. إذ وصلت فترات انقطاع التيار الكهربائي إلى 12 ساعة يوميا، فرضتها شركة الكهرباء العمومية (إسكوم) لتجنب انهيار الشبكة الكهربائية الوطنية.

وحسب الشركة المتعثرة، تسببت هذه الانقطاعات المتكررة والمتزامنة مع تنفيذ برنامج صيانة محطات الطاقة المتقادمة التي تعمل بالفحم، في خسارة الشبكة الوطنية لنحو 23 ألف ميغاوات من إجمالي الطاقة الإنتاجية المقدرة بـ40 ألف ميغاوات. فكان لهذا الوضع تأثير كارثي على النشاط الاقتصادي في ظل معاناة الشركات الصغيرة والمتوسطة في جنوب إفريقيا من ضغط انقطاع التيار الكهربائي، مما أدى إلى تعطل سلاسل التوريد وتأخير الإنتاج، وفرض تكاليف إضافية تتعلق بإنشاء مولدات لتعويض النقص في الكهرباء.

هذا وتوقع البنك المركزي لجنوب إفريقيا أن يؤدي هذا الوضع إلى خفض النمو الاقتصادي هذا العام بمقدار نقطتين مئويتين، محذرا من أنه "مقارنة مع النمو المقدر بنحو 0.7 في المائة العام الماضي، وبالنظر إلى أن الانقطاعات في التيار الكهربائي كانت أسوأ في عام 2023، يتوقع أن يظل النمو هذه السنة عند معدل 0،0 في المائة’’.

كما دق وزير المالية كوسينتشو راموكوبا جرس الإنذار، مؤكدا أن أزمة الكهرباء تكلف الاقتصاد أكثر من 50 مليون دولار يوميا (مليار راند).

 

وفضلا عن ذلك، لا يستبعد الخبراء إمكانية حدوث انهيار كلي لشبكة الكهرباء الوطنية، حيث يرى المحلل الطاقي والفيزيائي بجامعة جوهانسبورغ، هارتموت وينكل، أن هذا الاحتمال وارد جدا باعتبار أن "أي عطب في المنظومة الكهربائية يمكن أن يؤدي إلى سلسلة متتالية من الأعطاب في الشبكة’’.

 

وإزاء هذا الاحتمال وعلى أمل استعادة ثقة الفاعلين الاقتصاديين، تحاول الحكومة جاهدة إعادة شركة الكهرباء الوطنية إلى المسار الصحيح، خاصة من خلال إعلان حالة الكارثة الوطنية وإحداث وزارة جديدة خاصة بقطاع الكهرباء. إلا أن هذه الإجراءات لا ينظر إليها بعين الرضا، لاسيما من أحزاب المعارضة والعديد من المحللين الذين أعربوا عن عدم ثقتهم في تلك الإجراءات، مسجلين أنها لا تعدو أن تكون تمنيات فقط لمواجهة واقع مرير استتب منذ أكثر من عقد من الزمن.

ولم تستبعد وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني التأخير في تنفيذ الإصلاحات داخل شركة (إيسكوم) نظرا "لسجل الأداء السيء، بشكل عام، من حيث تنفيذ المخططات ومشاكل الحكامة داخل الشركة’’.

 

وإجمالا، تعتبر أزمة الطاقة التي تؤثر على جنوب إفريقيا نتيجة مباشرة للفساد وسوء التدبير في هذه الشركة العمومية طوال أكثر من عقد.

 

وبينما تبدو المشكلة قائمة ومتواصلة، يجد المواطنون الجنوب إفريقيون أنفسهم مجبرين على البحث عن حلول بديلة لتلبية احتياجاتهم من الكهرباء، وتجنب قضاء عام آخر في الظلام.

اترك تعليقاً