الأستاذ طنكول يبرز صمود الكتاب أمام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي
بمناسبة مشاركته في الدورة 43 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب، أجاب الكاتب والناقد عميد كلية بفاس، عبد الرحمان طنكول، على إشكالية صمود الكتاب أمام الزحف التكنولوجي وتقنيات الذكاء الاصطناعي، وعن دور الجامعات والمؤسسات التعليمية في تعزيز التبادل الثقافي ونشر المعرفة.
وأجاب بأن هناك عدة نظريات علمية وفلسفية وأكاديمية، تحاول إيجاد مقترحات عملية توافق بين ضرورة الحفاظ على مكانة الكتاب باعتباره الأصل في التثقيف والتعلم، والتوظيف الصحيح للتكنولوجيات الحديثة.
فالكتاب يعتبر أساس العلوم والمعارف، وهو وجه الإنسانية المشرق، ويقال إنه يعاني أزمة، ولكن يصعب، في نظري، تحديد ملامح هذه الأزمة، مادام أن الكتاب يندرج في إطار منظومة متشابكة تتداخل فيها مجموعة من العناصر الفنية، وبما أن الكتاب يشكل عنصرا من هذه العناصر المتكاملة فهو يحيا بحياته الخاصة، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يفقد مكانته كونه رافدا من روافد الثقافة والعلم.
وأكد أن الكتاب خير جليس، يحمي من ظلمة الجهل وينير الحياة، وأن الواجب يفرض الاهتمام بالقراءة وتخصيص جزء من الوقت لمطالعته، ولن تقدر أية وسيلة أن تلغي وجوده، فهو يبتكر مساره الخاص، ومن الصعوبة القول إن هناك هيمنة لنظام معين للتواصل، حيث ربما تتحول الوسائل ويتغير أسلوبها، لكن هذا لا يعني انقراضها، فالتاريخ جعلنا نعي أن الأشياء تتغير وتتطور لكنها لا تختفي، بل تحيا بصور وأشكال جديدة، وفي اعتقادي، بقول طنكول: رغم هذا التطور المهول في وسائل المعرفة الجديدة، سيجد الكتاب لنفسه المسالك الخاصة به من أجل الارتقاء إلى نمط آخر، وسيظل ملازما للإنسان، من خلال وسائل أخرى كالمكتبات الإلكترونية مثلا، وذلك في ظل انتشار التقنيات الحديثة والإدمان على الهواتف الذكية. المهم أن يعود الإنسان للكتاب ويلامس صفحاته ويطلع على ما فيها من علوم ومعارف، فالكتاب هو محور العملية التعليمية والتربوية وأداتها الرئيسية، والوسائل الأخرى جاءت لخدمة الكتاب، أو ربما تطوير بعض أنماطه التقليدية وليس حجب وظائفه الحيوية.
كما إن الإنسان في حاجة إلى جميع أشكال وأنواع التواصل، فلقد كان في القدم، مثلا، يتواصل عن طريق الدخان، أو الطيور، فكان دائما يبتكر أشياء جديدة للتواصل.
وفي الواقع، فإن التكنولوجيا غيرت الكثير، وبدأت شيئا فشيئا تسيطر على جميع جوانب الحياة، والكتاب أحد المتأثرين بهذه التكنولوجيا، وبالتالي أجهزة الكمبيوتر، والأجهزة اللوحية الذكية وفرت، أيضا، إمكانية الحصول على الكتب وقراءتها بالمجان بالطرق الإلكترونية، وهي فرصة جيدة لهواة القراءة والمطالعة، وهذا هو التوظيف والتزاوج الصحيح ما بين الكتاب كمصدر للمعرفة وهذه التقنيات الحديثة.
ومن تم فإن معارض الكتاب تشكل فرصة للزائر، خاصة الجيل اليافع، لتوطيد العلاقة مع الكتاب والمطالعة واستكشاف النتاج الثقافي والآداب الإنسانية والتاريخية والثقافية والحضارية، من خلال الفعاليات الثقافية المتنوعة، كما تشكل حلقة وصل بين المتلقي والأدباء والمفكرين، إلى جانب الاستمتاع بمجموعة من الأنشطة مثل الندوات والحلقات النقاشية والعروض المسرحية التي تغطي مختلف المجالات الثقافية، بالإضافة إلى تنوع الكتب المعروضة، فكل شخص كيفما كانت خلفيته الثقافية واللغوية يجد ضالته في معارض الكتب.
والاهتمام بتنظيم المعارض، يقودنا إلى كل ما يتعلق بالكتابة، والقراءة، والعلم والمعرفة، إذ جميعها عناصر لازمة وحلقات متصلة بالكتاب، إلى جانب كونها عنوانا لإبداع المبدعين والناشرين وتنافسهم في شتى العلوم والمعارف.
وتعتبر كل المكونات التربوية والثقافية، بما فيها الجامعات والمدارس والمعاهد والأكاديميات، معنية بضرورة حث طلبتها على ضرورة القراءة والتثقيف وإرساء أسس تقنية وعلمية لتنمية المخزون الثقافي والمعرفي والمهاري لدى الطالب والارتقاء به.
وأشار إلى أن الجامعة المغربية، تتيح لطلبتها إمكانات هامة لتحصيل المعرفة، إذ أخذت على عاتقها أن تكون بالأساس بمثابة فضاء شبكي يمتلك الطالب فيه القدرات الفكرية الكفيلة بتناول مختلف الإشكالات من عدة أوجه معقدة، إن على مستوى الجزء أو الكل، أو على مستوى الظاهر والمضمر.