عادات وتقاليد الاحتفاء بالسنة الأمازيغية الجديدة في الحسيمة
تتشبث الأسر الريفية بعادات وتقاليد الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، الذي يرتبط بالأرض والزراعة والتاريخ، وتتمثل في إعداد مأكولات خاصة، وارتداء ألبسة تقليدية ترمز للهوية الأمازيغية.
ولهذه الطقوس نكهة خاصة، تختلف بمنطقة الحسيمة عن نظيراتها بباقي جهات المملكة، ويجمع بينها التمسك بالتراث والتقاليد الأصيلة التي تعود لأزمنة ضاربة في القدم.
ومن نماذج التشبث بعادات وطقوس هذه المناسبة، تحرص النسوة على ارتداء الأزياء الأمازيغية الريفية الصنهاجية التراثية، من بينها ما يصطلح عليه ب " التفين"، وهو شبيه ب "التكشيطا"، وهو زي بسيط الشكل وأصيل ويشد بحزام رقيق، كما يوضع منديل مفتوح اللون عن المنديل الأحمر فوق "التفين"، فضلا عن وضع الحلي التقليدية.
أما بخصوص المأكولات، فأهل منطقة بني بوفراح بإقليم الحسيمة يحرصون على إعداد أكلات خصيصا لهذه المناسبة التي تسمى عندهم ب "الحاكوز"، لعل أبرزها الفطور بوجبة "السفنج" وكذلك "التريد" أو الرغائف، وخلال الغذاء والعشاء يتم تناول "الدشيشة" مبخرة ومزينة بالخضر التي تجود بها الأرض، خلال هذا الموسم، وكذلك أكلة "سيكوك باللبن".
كما أن العائلة تجتمع لتناول هذه المأكولات جماعة، حيث المنطقة تشتهر بعادة في هذه الاحتفالية، هي عبارة عن وضع الفواكه الجافة أو ما يسمى محليا ب " قشقشة" في طباق تقليدي مصنوع من الحلفاء، ويتم وضع خاتم أو "فول يابس" في "الطباق" وتتكلف أكبر النساء سنا بغرف ما بداخله إما في صحون صغيرة أو أكياس، ويتم توزيعها على الحضور، حيث يعتقد أن من يحصل على الخاتم ستتحقق أمنياته.
وأصبحت الفاعلات الجمعويات، خلال العمل الجمعوي تقمن بتوعية النساء القرويات بالحفاظ على تقاليد المنطقة، لما تحمله من أصالة وجمالية، وخاصة الجلوس مع العائلة جماعة حول مائدة "الحاكوز" وسرد حكايات لإضافة متعة خاصة على مائدة الطعام.
ويقول أشرف أمهاوش، باحث في علم الاجتماع ومهتم بالشباب وظواهر التغير الاجتماعي والثقافة المحلية بالريف، إن " الحاكوز" يعتبر طقسا من طقوس دورة الحياة الفلاحية لدى ساكنة بلاد الأمازيغ في شمال إفريقيا، ويروي أن أهل منطقة بني جميل يخلدون هذه المناسبة كحدث راسخ ومتجذر في الثقافة المحلية.
ويبرز أن الاحتفال يجري بهذه المناسبة، يومي 13 و14 يناير من كل سنة، فيمثل اليوم الأول وداعا للعام المنصرم، ويسمى محليا ب "العام البالي"، بينما يكون اليوم الثاني مناسبة ميلاد عام جديد، ويشير إلى أن أهل المنطقة يحتفلون، على غرار باقي الجماعات الأمازيغية، عبر تحضير ما تنتجه الأرض من لوز وجوز وتين وزرع وغير ذلك من الخيرات.
وفي معرض حديثه، أبرز أن الصغار، بدورهم، يحتفلون بهذه السنة، حيث ينظمون موكبهم الخاص على مدى يومين، فيجوبون أرجاء الدوار أو المدشر مرددين أشعارا بلحن جميل، ويقصدون بيوت الأسر، وكل أسرة تقدم لهم هدايا إما نقدا أو عينا، ويدعون بالبركة لمن قدم لهم الهدية.
ثم أوضح أن هذا الموكب ينتهي ملتفا حول نار يوقدونها وسط المدشر، ثم يستمتعون بما حصلوا عليه من هدايا في جو من المرح والابتهاج بحلول السنة الفلاحية الجديدة.