انطلاق الانتخابات النيابية الأردنية غدا الثلاثاء


انطلاق الانتخابات النيابية الأردنية غدا الثلاثاء صورة - تعبيرية
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      يتوجه الأردنيون غدا الثلاثاء إلى صناديق الاقتراع لاختيار أعضاء مجلس النواب الـ138، في مسعى لتفعيل وتعزيز "منظومة التحديث السياسي"، التي تبناها الأردن قبل سنوات قليلة مضت، وإحداث "التغيير المنشود" في المشهد السياسي الأردني.
وكشف رئيس الهيئة المستقلة للانتخاب "موسى المعايطة"، أن عاهل البلاد الملك عبد الله الثاني، أصر  على أن تجرى الانتخابات النيابية في وقتها المحدد، رغم دعوات مطالبة بتأجيلها بسبب الوضع الإقليمي "الملتهب" والسياق الاقتصادي العالمي "الصعب، وتداعياته على بلد محدود الإمكانيات"، وذلك مراعاة للالتزامات الدستورية للبلاد، وضرورة إنجاز الاستحقاقات الداخلية كجواب عملي على كل هذه التحديات التي اعتادت عليها المملكة منذ عشرات السنين.
وتجرى الانتخابات، التي تعرف مشاركة 1634 مرشحا ومرشحة للدوائر المحلية والعامة، تحت إشراف الهيئة المستقلة للانتخاب، في حين يقتصر دور السلطة التنفيذية على تقديم الدعم اللوجيستي والأمني لضمان سير العملية الانتخابية. وترشح للقائمة العامة، ضمن القوائم الحزبية والتحالفات الحزبية، 697 مرشحا ومرشحة، بواقع 505 من الذكور و192 من الإناث، في حين بلغ عدد المرشحين في الدوائر المحلية 937 مرشحا ومرشحة، من بينهم 747 مرشحا من الذكور، و190 من الإناث.
وبلغ عدد القوائم التي تقدمت للترشح على مستوى الدوائر المحلية 172 قائمة، بينما بلغ عدد القوائم المرشحة على مستوى الدائرة العامة الحزبية 25 قائمة.
وبخصوص مراكز الاقتراع والفرز للانتخابات الحالية، والتي تشمل 18 دائرة انتخابية، بلغ عدد مراكز الاقتراع والفرز 1649 مركزا، حيث ستتوزع فيها 5843 صندوق اقتراع وفرز.
ويراقب العملية الانتخابية أكثر من 60 منظمة، بإجمالي نحو 700 مراقب يتبعون لبعثات رقابية دولية وجهات تمثل سفارات ومنظمات دولية عاملة في الأردن، كمراقبين دوليين وضيوف، ومؤسسات رقابية محلية وعربية ودولية مستقلة، وهيئات تابعة لمنظمات إقليمية ودولية ذات تجربة بمراقبة الانتخابات في دول العالم .
وتجرى هذه الانتخابات النيابية على أساس التنافس على مستوى 18 دائرة محلية مفتوحة لمختلف الأفراد الذين تتوفر فيهم الشروط القانونية التي حددها قانون الانتخاب، بما فيهم المرشحين الحزبيين، فيما تقتصر المنافسة الانتخابية على مستوى "الدائرة العامة" الوطنية على الأحزاب السياسية فقط.
ويخصص الأردن عشرة مقاعد للأقليات من المسيحيين وغيرهم من الأقليات العرقية الأخرى في الدولة.
وتجرى هذه الانتخابات، التي يبلغ عدد المسجلين في لوائحها العامة حوالي 5 ملايين و200 ألف ناخب، في ظل التطورات القانونية المهمة التي جاءت نتيجة لمخرجات "اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية"، التي قدمت توصيات أساسية، جرى على إثرها تعديل قانوني الانتخاب والأحزاب بشكل جذري.
ويسعى القانون الجديد للانتخابات إلى تعزيز التعددية السياسية من خلال زيادة تمثيل الأحزاب في البرلمان، وضمان إشراك الشباب والمرأة بشكل أوسع في العملية السياسية، إضافة إلى تقليل الاعتماد على نظام الصوت الواحد السابق والانتقال إلى نمط انتخابي جديد، يعزز من مشاركة هذه الأحزاب، ويفتح المجال لتشكيل كتل قوية داخل البرلمان.
ويراهن القانون الجديد، الذي وافقت عليه الحكومة سنة 2022، حسب عدد من المتتبعين، على إحداث "عملية تحول ديمقراطي تدريجية" تمهد الطريق أمام الأحزاب السياسية للعب دور أكبر، في أفق "الحد من الحضور المهيمن للمكون العشائري الذي ما فتئ يحظى بمكانة وتأثير كبير في التركيبة النيابية والمشهد السياسي الأردني".
ووفق هذا القانون الانتخابي الجديد، فمن المقرر أن يضم المجلس النيابي لأول مرة في تاريخ البرلمان 41 مقعدا مخصصا للأحزاب كحد أدنى، وبنسبة تصل إلى 30 بالمئة في مجلس النواب المرتقب، لترتفع هذه النسبة في انتخابات المجلس المقبل إلى 50 بالمئة من عدد الأعضاء وصولا إلى 65 مقعدا للأحزاب في المجلس النيابي الذي يليه وفق قانون الانتخاب القائم على التدرج في منح الأحزاب حضورا تحت قبة البرلمان، مما يحقق الانتقال من العمل الفردي إلى العمل الجماعي البرامجي.
وتعتبر هذه الانتخابات، حسب هؤلاء المتتبعين، "نقطة انطلاق لتجربة سياسية جديدة، تهدف إلى الانتقال التدريجي نحو تشكيل حكومة برلمانية حزبية"، كما تمثل "تطورا نوعيا في الحياة السياسية الأردنية، يعكس توجها لتعزيز المؤسسات الديمقراطية، وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، بما يسهم في توطيد الاستقرار السياسي والاجتماعي" بالأردن.
وبخصوص الآليات والإجراءات التي اعتمدتها الهيئة المستقلة للانتخاب، من أجل ضمان نزاهة وشفافية العملية الانتخابية، فقد فتح الأردن المجال لبعثات دولية لمراقبة الانتخابات لتتبع أطوار هذا الاستحقاق الانتخابي، علاوة على العديد من التدابير، أهمها على الخصوص، ربط جميع مراكز الاقتراع والفرز بنظام إلكتروني، يتيح تحديث البيانات ومراقبة العملية الانتخابية في الوقت الفعلي، علاوة على التأشير على أسماء الناخبين إلكترونيا وورقيا لضمان عدم حدوث تلاعب أو تكرار في التصويت، واعتماد ورقة اقتراع بعلامات أمنية خاصة يصعب تزويرها، لضمان عدم العبث بأوراق الاقتراع.
كما تضمنت هذه الآليات فرز الأصوات في نفس قاعة الاقتراع وبحضور المرشحين أو مندوبيهم، بالإضافة إلى المراقبين المحليين والدوليين ووسائل الإعلام، مما يضمن الشفافية الكاملة للعملية، علاوة على أن تتم عملية الفرز تحت مراقبة أكثر من 5000 كاميرا، مما يتيح متابعة دقيقة من قبل المراقبين والجهات الإعلامية لضمان النزاهة، زيادة على توزيع محضر الفرز الإلكتروني بعد انتهاء عملية الفرز، على المرشحين والمندوبين، لضمان عدم وجود أي لبس.
ومع كل هذه الجهود الكبيرة من أجل إنجاح هذا الاستحقاق الانتخابي، يظل الرهان الكبير بالنسبة للسلطات الأردنية هو مشاركة واسعة للمواطنين، من أجل "انخراطهم في الشأن العام، والمساهمة في صنع القرار، وإحداث التغيير المنشود، والعمل على تعميق أواصر الوحدة الوطنية في ظرفية إقليمية دقيقة" كما صرح بذلك رئيس الوزراء "بشر الخصاونة" أمس الأحد، وتفاديا لـ"عزوف انتخابي" جراء تداعيات هذه السياقات الإقليمية "المتوثرة"، والأوضاع الاقتصادية الدولية "غير المشجعة".
كما يظل الرهان الاقتصادي حاضرا بقوة في هذه المشهدية الانتخابية، من خلال الدعوة إلى مواصلة تفعيل مخرجات "التحديث الاقتصادي"، والعمل على النهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، في سياق أظهرت فيه دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن 7 أحزاب فقط لديها برامج ورؤى اقتصادية "محددة " بنسبة 18.4 بالمائة من مجموع الأحزاب، في حين أن 31 حزبا يشكلون 81.6 بالمائة من إجمالي هذه الأحزاب الأردنية لديه برامج اقتصادية "عامة".

اترك تعليقاً