الصحافة الرقمية بين نبل الرسالة وإنتاج التفاهة


الصحافة الرقمية بين نبل الرسالة وإنتاج التفاهة صورة - تعبيرية
أفريكا فور بريس - عبد الرحيم اسويطط

      ما تقوم به بعض الجرائد والقنوات الإلكترونية المرئية من تشهير بالمواطنين المغاربة يتجاوز انتهاك الخصوصية والحرية الفردية ويعتبر اعتداءا على روح الإنسان باعتباره كائنا مستقلا ، لقد كرست تلك الجرائد نفسها وصية على تصرفات الآخرين  لتضعنا أمام مرآة البشاعة والتفاهة.

عندما تحتمي إي قناة بمرجعية الابتذال وتتجاوز حدودها لتقتحم الخاص باعتباره مقدسا فرديا فهي بذلك تفتح النار بوعي أو بدونه على كل المغاربة دون تمييز .

قد يكون الفنان ضحية وقد يكون السياسي والأكاديمي ورجل السلطة وقد يكون المواطن البسيط ، سنتحول بشكل أو بآخر إلى فئران تجارب لآلة إعلامية اختارت مشروعا منذ مدة لتعيد صياغة حدود الخاص والعام . حدود الحلال والحرام ، حدود المباح والممنوع . لترهبنا جميعا من أجل أن ندخل في رقابة على الذات من خارج الذات .

إن جنوح تلك القنوات المدعمة من أموال المغاربة إلى هذا المستوى الخسيس من التلصص لتصنع مادتها الإعلامية يجعل حياتنا وجراحنا وأفراحنا فرجة مدفوعة الثمن ، وتتحول إلى ممارسة استخباراتية تسيج حرياتنا وخياراتنا الفردية والجماعية .

لا يمكن بأي مبرر كان أن نسمح بتهديد تنوعنا الثقافي والعقدي واللغوي ، وهذا التنوع يجعلنا نحظى باحترام وتقدير الدول والمجتمعات ، فكيف تتجرأ تلك القنوات على الاصطياد في الماء العكر لتقوض مجهودا جماعيا لبناء مغرب الحريات والتعايش والاختلاف .

لا يستقيم أن نعود مرة أخرى لمحاكم التفتبش بصيغة إعلامية ونساهم في تجييش البعض على البعض الآخر ونعيد مسلسلات التكفير والقتل إلى الواجهة.

المطلوب أن يتوقف الأمر وأن لا يتكرر بقصد أو بدونه ، وعلى القضاء أن يتدخل لحماية خصوصيات الناس قبل أن تتحول الصحافة إلى مجال أثير للنهش في أعراض الناس. 

اترك تعليقاً