هجرة الكفاءات تضر الاقتصاد التونسي
تعاني تونس في السنوات الأخيرة من استفحال ظاهرة هجرة الأدمغة الى الخارج، والتي تعززت جراء الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها البلاد بعد 2011، وما شهدته من تداعيات بسبب جائحة كوفيد 19.
فقد قال رئيس مؤسسة استطلاع الآراء "سيغما كونساي''، حسن الزرقوني، تعليقا على هذه المعطيات، إن تونس تعرف، اليوم، تفاقم ظاهرة هجرة الأدمغة إلى دول أوروبية وخليجية بطريقة شرعية ، الأمر الذي ستكون له تداعيات سلبية على الوضع العام بالبلاد. وكشف الزرقوني في هذا السياق، أن حوالي 75 في المائة من الشباب بين 18 و30 عاما، مستعدون للهجرة إذا ما أتيحت لهم الفرصة. وأشار إلى أنه "لأول مرة في تاريخ تونس، "سجلنا خلال السنة الماضية هجرة حوالي 1200 طبيب، من بينهم عدد كبير من أخصائي أمراض القلب، وهو ما يمثل خطرا على صحة المرضى بالبلاد''. وحذر من أنه ''إذا ما استمر الوضع على ما هو عليه، فإننا قد نصل إلى مرحلة لن نجد فيها طبيبا يعالجنا أو مهندسا يحل إشكالا كبيرا في البنية التحتية أو شبكات الاتصال". وقال ''هناك نهب منهجي للكفاءات التونسية، لاسيما في قطاع الهندسة (قطاع تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية)، من طرف الشركات العالمية في البلدان المتقدمة صناعيا". ووفق إحصاءات رسمية أصدرها، مؤخرا، المعهد الوطني للإحصاء، فإن معدل المهندسين بتونس على سبيل المثال والذين يغادرون للعمل في الخارج، يبلغ سنويا نحو 6500 مهندس. واعتبر الزرقوني أن كل هذه العوامل ستكون لها تداعيات على البنية التحتية والتنمية الاقتصادية في المجالات ذات القيمة المضافة العالية بالبلاد.
تجدر الإشارة إلى أن استفحال ظاهرة هجرة الكفاءات بتونس يشكل اليوم نزيفا حقيقيا للثروة البشرية. ويرجع ذلك الى تدني مستوى الأجور، واستفحال البطالة، وتعطل منظومة تشغيل خريجي التعليم العالي، والاختلال بين ما توفره الجامعات من شهادات علمية في بعض الاختصاصات وبين ما تطلبه سوق الشغل من حاجيات. ومنذ 2011، باتت الهجرة الشرعية، وخصوصا نحو أوروبا والخليج، للأطباء والمهندسين والتقنيين والأساتذة، وكذلك الهجرة غير الشرعية للفئات الأكثر هشاشة، أفضل حل لهؤلاء. وحسب وكالة التعاون الفني الرسمية، فان كندا اليوم تعد المركز الأول من مجموع البلدان المستقطبة للكفاءات التونسية، ولاسيما في مجالات الطب والتعليم والإعلام، ثم ألمانيا ودول الخليج والولايات المتحدة وبعض بلدان أفريقيا. وبلغ عدد المنتدبين عن طريق التعاون الفني منذ بداية العام الجاري أكثر من 22 ألف تونسي.