مسؤولية القوى الاستعمارية في تمزيق البلدان العربية والإسلامية والإفريقية
هو حقيقي ما كتبت جريدة " الشرق الأوسط " من القاهرة في عددها ليوم الاثنين 6 مارس 2023 من أن القوى الاستعمارية لم تكتف بتمزيق الإمبراطوريات العربية والإسلامية والأفريقية ، ولكنها عند خروجها ككيانات مستعمرة " مزقت كيانات كان لها وجود تاريخي مثل المغرب وخلقت كيانات جديدة لم تكن موجودة قبل الاستعمار وتركت وراءها مشاكل حدودية بين دول أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا " هذا كلام صحيح أوضحه السيد لحسن حداد الوزير المغربي السابق وعضو مجلس المستشارين ، في أن الدول الأوروبية هي السبب الأساسي في خلق خريطة لا تتوافق مع مبدأ تناسق اللغة والجغرافيا والتاريخ ، التي عملت به الدول الوطنية في أوروبا . إذ عمدت في كثير من الحالات إما على تقسيم هندسي صادر من مختبرات للجغرافيا ووحدات البعثات العلمية . أو تقسيم اقتصادي أو مكرس لواقع تجاري أو سوسيولوجي . وكان الهدف والتوجه في هذه الأحيان ، ألا تلتقي الثقافة والجغرافية والتاريخ ، كما هو الحال في قبائل الفولاني والماندينغا والماساي واليوروبا والبانتو ( بما فيهم الزولو ) والطوارق والحاميين وغيرهم بالعشرات ممن هم منتشرون في أكثر من دولة إفريقية . وأبرز السيد حداد أن البنية السوسيولوجية والديمغرافية قد لا تسمح بذلك ، ولكن الحرص كان شديدا على ألا تلتقي الثقافة والأوطان الناشئة ، لأن في ذلك خطرا على مصالح الاستعمار بعد رحيله ، وهو يرى قيام الخطر في الوعي الوطني المبني على الانتماء – بتاريخه وأساطيره وميثولوجيته على شاكلة الدولة الوطنية في أوربا
ويضيف في هذا الصدد " لا نفهم كيف أن الدول الأوروبية ، التي كانت وراء خلق وضعية ما بعد
كولونيالية تتميز بالفوضى ، هي من يناصر الحركات الانفصالية في جنوب المغرب وجنوب
السودان ودارفور، ولا ترى حرجا في تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات ، وسوريا إلى دولة
صغيرة في دمشق ومحميات تابعة لدول قوية في شمالها وشرقها ، وإعادة تقسيم اليمن إلى
دولة شمالية وأخرى جنوبية ، ودعم حركات الأزواد والطوارق في الساحل ، وتقسيم ليبيا
إلى دولة شرقية وأخرى غربية ، وتقسيم الصومال إلى دويلات قابلة للتحكم فيها "
وسجلت الجريدة أن هذا لا يعني أن النخب السياسية العربية والأفريقية ليست هي المسؤولة الأولى عن
الأوضاع التي أدت إلى حالة التفكك واللا سلم والفوضى ، ولكن أن تأتي الدول الغربية وتساند
الانفصال ، وهي التي هندست لشروط وجوده في الأصل ، فهذا ينم عن استمرار عقلية
مؤتمر برلين ومؤتمر الجزيرة الخضراء واتفاقيات سايكس بيكو وغيرها "
ولفتت إلى أن هذا يحدث في
وقت تتغنى به هذه الدول نفسها بوحدة إسبانيا ضد حركات الاستقلال في كاتالونيا
والباسك
، وفرنسا ضد حركات تحرر كورسيكا وكاليدونيا الجديدة ، وتتمسك بريطانيا
بجبل طارق و جزر المالوين ، ولا تقبل بلجيكا نزوع الفلاندرز إلى الانفصال عن
الدولة الفيدرالية ، وعدم اعتراف الأوروبيين بقبرص الشمالية التركية ، وعدم السماح
للمرافيين بالاستقلال عن التشيك ، والحرص على بقاء بافاريا داخل ألمانيا ، وصقلية
وسردينيا تحت حكم إيطاليا ، واسكتلندا وآيرلندا الشمالية تحت سلطة التاج البريطاني
وغيرها.
وخلص لحسن حداد إلى أن
"ما يقوله الأوروبيون للعرب والأفارقة والآسيويين وغيرهم ممن اكتووا بنار الحقبة الاستعمارية هو كالتالي: «ما يليق
بأوروبا لا يليق بغيرها ،لأننا نحن ديمقراطيون . وأنتم استبداديون ».