الحملة الانتخابية في السنغال تبلغ أوجها تحسبا لتشريعيات حاسمة
تعيش السنغال، منذ 27 أكتوبر الماضي، على إيقاع حملة انتخابية، بلغت أوجها، تحسبا للانتخابات التشريعية السابقة لأوانها المقررة في 17 نونبر الجاري، في استحقاق يبدو حاسما ومصيريا لحزب (باستيف- لي باتريوت) الحاكم، الذي يتزعمه عثمان سونكو، الوزير الأول الحالي منذ 5 أبريل الماضي.
ففي هذه
التشريعيات المبكرة، التي كان قد دعا إليها الرئيس باسيرو ديوماي فاي في شتنبر
الماضي، تتنافس 41 لائحة تجمع بين الأحزاب السياسية والتحالفات وائتلافات المرشحين
المستقلين، للظفر بـ165 مقعدا في الجمعية الوطنية.
ويسعى النظام القائم إلى الفوز في هذه الانتخابات التشريعية لتمرير حوالي 83 مشروع
قانون و294 مشروع مرسوم و110 مشروع قرار، كان أعلن عنها الوزير الأول عثمان سونكو
في يوليوز الماضي، فيما تتربص المعارضة لمنع (باستيف) من الحصول على الصلاحيات
الكاملة خلال ولاية باسيرو فاي الذي انتخب رئيسا للبلاد في الجولة الأولى من
رئاسيات 24 مارس.
غير أن ائتلاف (باسيف) تواجهه 40 لائحة في تشريعيات 17 نونبر، لاسيما ثلاثة
تحالفات معارضة كبيرة متمثلة في (معا لإنقاذ السنغال) بقيادة الرئيس السابق ماكي
سال، و(السلام والسلطة) الذي يتزعمه الوزير الأول سابقا والمرشح الرئاسي المنهزم
أمادو با المتواجد على رأس اللائحة ويدعمه (الحزب الاشتراكي)، وتحالف (الوفاء
بالعهد) بزعامة عمدة دكار الحالي بارتيليمي دياس الذي أصبح معارضا شرسا لعثمان
سونكو.
وخلال الحملة الجارية، جابت قوافل مختلف الأحزاب السياسية مناطق البلاد 46 من أجل
إقناع أكثر من 7.3 مليون من الناخبين للذهاب إلى صناديق الاقتراع مرة أخرى بعد
الانتخابات الرئاسية في مارس الماضي.
لكن المعارضة تدخل غمار هذه الانتخابات التشريعية وهي منقسمة، حيث إن مهمتها لن
تكون سهلة وهي تواجه حزب (باستيف) الذي يعول على دعم فئة الشباب صاحبة الانتظارات
الكثيرة من النظام الحاكم.
وانقسم حزب الرئيس السابق ماكي سال (التحالف من أجل الجمهورية) إلى عدة فروع مع
الائتلاف الذي يقوده الوزير الأول السابق أمادو با ، والذي حل في الانتخابات
الرئاسية في 24 مارس. وحتى إن كانت المعارضة عمدت في حملتها الانتخابية إلى الركوب
على ما تصفه ببطء حزب (باستيف) في اتخاذ القرار وإطلاق الإصلاحات الموعودة ، فإنه
من الصعب إقناع الناخبين بحجيتها، كما يذهب إلى ذلك محللون.
وكان الرئيس باسيرو فاي قد أقدم في 12 شتنبر الماضي على حل الجمعية الوطنية عقب
فشل مشروع مراجعة الدستور لإلغاء كل من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
والمجلس الأعلى للجماعات الترابية، اللذين يعتبران مستنزفين لميزانية الدولة.
وبالنسبة للنظام الحاكم، فإن هذه الانتخابات هي بمثابة اختبار. ومن خلال اختيار
عثمان سونكو على رأس قائمة حزب (باستيف) لمواجهة ماكي سال، يطمح الرئيس باسيرو فاي
استثمار شعبية الوزير الأول لحشد الناخبين والأمل الذي فتحه والذي مكنه من الفوز
في انتخابات 24 مارس.
وقد انطلقت الحملة الانتخابية على وقع اشتباكات بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين،
مما حدا بوزارة الداخلية إلى التدخل ومطالبة هؤلاء بضبط النفس و التحلي
بالمسؤولية. ويأتي تحرك الوزارة بعد أن سجل اليوم الأول من هذه الحملة لهجوم، ليلة
27 إلى 28 أكتوبر، هجوما على مقر حزب معارض من قبل أشخاص مجهولين عمدوا أيضا إلى
تخريب سيارات وتهشيم نوافذ وإضرام النيران. كما تعرض موكب الوزير الأول عثمان
سونكو ،الذي كان يقوم بحملة لهذه الانتخابات التشريعية، لهجوم ، يوم الأربعاء
الماضي ، في كونغول (وسط).
وشددت وزارة الداخلية في بيان صحفي صدر غداة اليوم الأول من الحملة الانتخابية، على
أهمية احترام قادة الأحزاب السياسية والتحالفات المشاركة في هذه الحملة والتماسك
الديمقراطي والاجتماعي لضمان فترة انتخابية سلمية تحترم فيها حقوق الجميع.
وبدورها، أعلنت وزارة العدل أن تحقيقات سيتم فتحها على خلفية سلوكات وتعليقات
"ترتقي إلى أن تكون فعلا جرميا ".
كما أن الرئيس باسيرو ديوماي فاي أثار بعد عودته من زيارة للخارج يوم السبت
الماضي، قضية العنف الانتخابي الباعثة عن القلق، حيث أعرب عن أسفه واستنكاره لهذه
الأحداث.
ويهيمن على الجمعية الوطنية الحالية المنتخبة في يناير 2022، أعضاء الكتلة
الرئاسية السابقة (بينو بوك ياكار، متحدون من أجل الأمل) ب83 مقعدا ، المؤيدين
لمعسكر الرئيس السابق ماكي سال، الذي حكم البلاد من 2012 إلى 2024.
ويتساءل الملاحظون إن كان الناخبون سيدعمون ، يوم الأحد 17 نونبر الجاري، الحكومة
بمنحها الأغلبية المطلقة في الجمعية الوطنية أم سيختارون التعايش من خلال تقديم
الدعم للمعارضة .