الحق في التعليم يعاني من الاختلال والتباين
يعيش قطاع التعليم بربوع المملكة المغربية، وضعا مزريا وغير منسجم مع التوجهات الاستراتيجية للوزارات المتعاقبة على إصلاح المنظومة، حيث أكد المجلس الوطني لحقوق الإنسان، أن منظومة التعليم تعيش مرحلة الضعف والتباين، ونبه في تقريره السنوي حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب لسنة2022 ، أن الولوج إلى الحق في التعليم يعاني من ازدواجية النظام التربوي و اختلال التوازن بين القطاعين العمومي والخصوصي، وأن هذه الثنائية تبقى السمة الغالبة على العديد من الحقوق الاقتصادية والاجتماعية وتطرح تحديات حقيقية في ما يتعلق بالمساواة والجودة والإنصاف وتكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين من مختلف شرائح المجتمع، كما تضع دور المدرسة العمومية، كآلية لتصحيح التفاوتات، على المحك أكثر من أي وقت مضى، وأنه إذا كانت المدرسة المغربية سجلت ارتفاعا في نسبة التمدرس بـ99,7 بالمائة خلال الموسم الدراسي 2018- 2019 للأطفال ما بين 6 و11 سنة، فإن هذا الرقم، يحجب واقعا مؤلما يتجلى في الهدر المدرسي، الذي سجل نزيفا وصل إلى 331.558 خلال الموسم الدراسي 2021-2022، أي بزيادة تفوق 27 بالمائة مقارنة مع الموسم الدراسي 2019-2020، وسجل التقرير أن سنة 2022 شهدت إطلاق مشروع جديد لإصلاح التعليم وفق خارطة طريق تمتد من 2022 إلى 2026، في وقت لايزال النظام التربوي المغربي يعاني من مشاكل بنيوية، سبق تشخيصها في عدة وثائق مرجعية، مشيرا إلى أنه سبق للرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015 - 2030 أن أكدت أن المنظومة التعليمية المغربية تعاني من ظواهر الاكتظاظ والهدر المدرسي والعنف المستشري في المدارس وحولها، وضعف التأطير التربوي إضافة إلى ضعف الإنتاج العلمي وهزالته في الجامعات المغربية لأسباب عديدة، منها ما هو مالي وما هو مرتبط بالموارد البشرية وجودة تكوينها.
فالمدرسة العمومية تواجه تحديات كبيرة على مستوى تأهيل الرأسمال البشري للمساهمة في التنمية، كما تؤشر على ذلك الأرقام المتعلقة بالبطالة وضعف نسبة الاندماج في سوق الشغل، ليبقى نجاح جهود تنفيذ الرؤية الاستراتيجية (2022 - 2026) لضمان الحق في تعليم ذي جودة للجميع، يتوقف بشكل كبير على التغلب على هذه العوائق، مقترحا الانطلاق من خمس أفكار تأسيسية، تتجلى في استحضار مشاريع الإصلاح السابقة، ومسؤولية الدولة في ضمان الحق في التعليم للجميع، والطابع النسقي لمعوقات الحق في التعليم بحيث لا ينبغي أن تقتصر مداخل الإصلاح على مكونات المنظومة التربوية، بل يتوجب استحضار الإشكاليات المرتبطة بالعلاقات بين هذه المكونات، إلى جانب علاقاتها مع المحيط المجتمعي للمدرسة.