شرعية الحوار ومشروعية الاحتجاج،قراءة تحليلية


شرعية الحوار ومشروعية الاحتجاج،قراءة تحليلية
عبد الرحيم اسويطط


     كشف ما اصطلح عليه "الحراك التعليمي" الذي انطلق مع اليوم العالمي للمدرس الكثير من المعطيات المثيرة للاهتمام والمتابعة والتساؤل . فكيف انطلق هذا الحراك ؟ وماهي خصوصياته؟ ولماذا انتهى بذلك الشكل؟.                 

لقذ فجر مرسوم "القانون الأساسي لموظفي وزارة التربية الوطنية والتعليم الاولي والرياضة " حركات احتجاجية غير مسبوقة أعطت الانطباع العام بأن الموسم الدراسي 2023/2024 سيكون استثنائيا ، وتوالت ردود الافعال ووجد الشعب المغربي نفسه أمام وضع اجتماعي وتربوي غير مألوفين.

انقلبت النقابات على الوزارة وحملتها مسؤولية إصدار المرسوم في الجريدة الرسمية دون اتفاق ودون الاطلاع على النسخة المعدلة ، ونظمت تنسيقيات الأسلاك و التنسيقيات الفئوية إلى جانب "الفنو" مسيرات احتجاجية وطنية وجهوية وإقليمية مع إضرابات عن العمل تراوحت بين يومين و 4 أيام .

استغلت النقابات دستورية الحوار وصعدت من لهجتها اتجاه الوزارة وطالبت من الحكومة الإشراف المباشر على التفاوض معلنة سحبها الثقة من الوزير "بنموسى " الذي اعتبرته طرفا مباشرا في خلق الأزمة .

استعانت النقابات أيضا بقوة التنسيقيات الميدانية ورفعت من مطالبها واعتبرت تلبيتها السبيل الوحيد لعودة الأساتذة للأقسام .

في المقابل استندت التنسيقيات إلى ارتفاع نسبة المشاركة في الإضرابات ، واتساع دائرة التضامن من قبل فيدراليات الآباء وأولياء التلاميذ والتلميذات وانخراط الإعلام الرقمي في تبني مطالب الأسرة التعليمية .

بين شرعية الحوار النقابي ومشروعية الاحتجاج جربت الحكومة والوزارة كل الأوراق لتفكيك التحالف النقابي والتنسيقي والإعلامي ، واحتفظت ببعض الاوراق الأخرى لمرحلة لاحقة.

إن امتلاك النقابات لتاريخ من التدافع القانوني والتفاوض الدستوري ساهم في تحملها كل الضغوط ، ضغط الحكومة للمساهمة في تكسير وحدة التنسيقيات من جهة  وضغط التنسيقيات لتحقيق مطالب جديدة تستعيد بها النقابات مصداقية أصبحت محط مساءلة وتشكيك من جهة أخرى .

من جانب آخر لم تستطع التنسيقيات استثمار حضورها الميداني في معركة " إسقاط المرسوم " وارتكبت أخطاء تكتيكية قاتلة ، حيث عمدت إلى الخلط بين المطالب المادية والمعنوية لهيئة التدريس وبين المطالب الدستورية " الحضور في الحوار " وبين المطالب السياسية " إعادة الاعتبار للمدرسة العمومية " .

ولم تستطع أيضا تجريب أشكال احتجاجية جديدة تحافظ على الوحدة داخلها وتحافظ  على تأثيرها المجتمعي خاصة في ظل ظهور نسبة من الأساتذة تطالب بتخفبف وتيرة الاحتجاج وظهور اتهامات بالانحراف عن مسارها المطلبي والتشكيك في ديموقراطيتها الداخلية .

لم تمتلك التنسيقيات من المرونة ما يكفي للتعاطي مع مخرجات الحوار الرباعي 10 دجنبر ومخرجات الحوار الخماسي 26 دجنبر ، خاصة في ظل ظهور مؤشرات تدفع إلى تخفيف الاحتجاج وإنقاذ الموسم الدراسي وتغليب " حسن النية "

بين الشرعية الدستورية التي تمتلكها النقابات في الحوار والتفاوض وبين المشروعية الميدانية للتنسيقيات ارتكبت هذه الاخيرة أخطاء قاتلة استغلتها الوزارة "الاوراق المؤجلة" لتفكيك التنسيقيات من الخارج وتسهيل عملية التفجير من الداخل . 

اترك تعليقاً