المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير تحيي ذكريي معركة الدشيرة وإجلاء آخر جندي عن الأقاليم الجنوبية


المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير تحيي ذكريي معركة الدشيرة وإجلاء آخر جندي عن الأقاليم الجنوبية
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      نظمت المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، أمس الجمعة، بالعيون مهرجانا خطابيا بمناسبة تخليد الذكرى ال 67 لمعركة الدشيرة، والذكرى ال 49 لجلاء آخر جندي أجنبي عن الأقاليم الجنوبية للمملكة.

وأبرز المندوب السامي للمقاومة وأعضاء جيش التحرير، السيد مصطفى الكثيري، بقصر المؤتمرات بالعيون، في كلمة له خلال هذا المهرجان الخطابي، أن تخليد هاتين الذكرتين مناسبة لاستحضار محطات تاريخية وضاءة من أجل استكمال الاستقلال الوطني وتحقيق الوحدة الترابية.

وذكر السيد الكثيري بانخراط أبناء الأقاليم الجنوبية للمملكة في مسلسل الكفاح الوطني، مبرزا أنه، منذ الإرهاصات الأولى للأطماع الأجنبية، كانوا خير مدافع ومنافح عن الثوابت الدينية والمقدسات الوطنية ضد كل دخيل معتد أثيم.

وأضاف أن التاريخ يشهد أنهم قدموا جسيم التضحيات واسترخصوا كل غال ونفيس من أجل مناهضة الوجود الاستعماري الذي جثم بثقله على مجموع التراب الوطني، منذ أوائل القرن الماضي،  وسجل أن الشعب المغربي، ومنه أبناء هذه الربوع المجاهدة، بقيادة العرش العلوي المجيد، وقف صفا واحدا في مواجهة الأطماع الاستعمارية ومؤامرات التقسيم والتجزئة للوطن الواحد، وضد كل مخططات استنزاف خيراته والاستئثار بثرواته، ولم تنل دسائس الاستعمار ومناوراته من العزيمة الراسخة للعرش والشعب في مقاومة الوجود الأجنبي والتصدي لكل أشكال طمس الهوية الوطنية المغربية والمس بالمقومات الدينية والحضارية والتاريخية والثقافية.

ومن الدلالات العميقة لتخليد هاتين الذكرتين المجيدتين، يضيف السيد الكثيري، أنها تبعث الدروس الوطنية البليغة والإشارات القوية التي تتجدد سنويا لتنهل منها الناشئة والأجيال الجديدة القيم السامية والمثل العليا والسلوك المدني القويم ومكارم الأخلاق التي تحلى بها أعضاء المقاومة وجيش التحرير.

وذكر، بالمناسبة، بأن ملحمة الكفاح من أجل الاستقلال، التي قادها بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس، طيب الله ثراه، بترابط متين مع طلائع الحركة الوطنية، بلغت ذروتها مع مؤامرة 20 غشت 1953م، لما أقدمت سلطات الإقامة العامة للحماية الفرنسية بالمغرب على الاعتداء على السلطان الشرعي، سيدي محمد بن يوسف وإبعاده رفقة الأسرة الملكية الشريفة إلى المنفى السحيق.

وأشار الى المظاهرات الحاشدة والانتفاضات العارمة التي عمت الحواضر والبوادي، وكانت مواقف أبناء الصحراء المغربية، وهي يومئذ تحت نير الاحتلال الإسباني، مشهودا بها وثابتة وفي أوج الوطنية الصادقة والحقة والوفاء للمقدسات ولروابط البيعة والتمسك بالانتماء للوطن، فبادروا بالانخراط، بكل حماس، في صفوف منظمات المقاومة، مساهمين بكل فعالية ونجاعة في معارك التحرير التي تكللت بالنصر المبين والعودة المظفرة لجلالة المغفور له، محمد الخامس إلى أرض الوطن، حاملا مشعل الحرية والاستقلال.

وأضاف الكثيري أن الزيارة التاريخية التي قام بها بطل التحرير والاستقلال جلالة المغفور له محمد الخامس، يوم 25 فبراير 1958م ، إلى محاميد الغزلان بإقليم زاكورة، جسدت الوشائج القوية والروابط المتينة التي تجمع القمة بالقاعدة وتأكيدا على المواقف الثابتة للمغرب من استكمال وحدته الترابية، معلنا قدس الله روحه، من تلك القلعة الشامخة، عن عزم المغاربة وتصميمهم على تحرير ما تبقى من ترابهم المقدس الذي احتله الوجود الأجنبي.

 وجدد السيد الكثيري التأكيد على التعبئة المستمرة واليقظة الموصولة لأسرة المقاومة وجيش التحرير كسائر فئات وأطياف المجتمع المغربي والإجماع الوطني وراء صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل مواصلة تحديث وتنمية الأقاليم الجنوبية، وصيانة الوحدة الترابية المقدسة وتثبيت المكاسب الوطنية.

وفي هذا السياق ذكر بمضامين الخطاب الملكي السامي بمناسبة افتتاح السنة التشريعية، يوم الجمعة 11 أكتوبر 2024، وفي سبيل مواصلة الترافع عن القضية الوطنية الأولى، حيث أكد فيه جلالته على الأهمية القصوى لملف قضية الصحراء المغربية، معتبرا إياها "القضية الأولى لجميع المغاربة".

 هذا التوصيف الذي يعبر بوضوح على أن تعزيز الوحدة الوطنية حول قضية مصيرية، لا يرتبط بالحاضر فحسب، بل تمتد جذوره عميقا في تاريخ وجغرافية وحضارة الوطن. كما أن التوصيف غير فئوي ولا شرائحي ولا مناطقي، ذلك لأنه يخاطب كافة المغاربة، كل من موقعه ومركزه، لتحمل مسؤولياتهم في الدفاع عن ملف قضية الوحدة الترابية باعتبارها قضية وجود وليست فحسب قضية حدود أو مجرد ملف دبلوماسي، مؤكدا على أن الوحدة الترابية للمملكة المغربية ليست موضع تفاوض أو مساومة، بل هي أساس السياسات الداخلية والخارجية للبلاد. وبذلك، يضع جلالته حدودا واضحة ويرسم خطوطا حمراء أمام كل المساومات والادعاءات المزعومة، مع التأكيد على أن المغرب لن يتراجع عن حقوقه التاريخية والسيادية في الصحراء المغربية.

وهكذا، وبفضل حنكة وتبصر جلالة الملك، توالت الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية وبتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي الموسع في ظل السيادة الوطنية.

وجرى، خلال هذه التظاهرة، تكريم 10 من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحري، عرفانا واعتزاز بما برهنوا عنه من غيرة وطنية وروح المسؤولية والتضحية وقيم الالتزام والوفاء والإيثار ونكران الذات، سيحفظها لهم التاريخ بمداد الفخر والإعجاب.

كما حرصت المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، إلى جانب التكريم المعنوي، على التكريم المادي، حيث خصصت إعانات مالية لعدد من قدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير وأرامل المتوفين منهم بهذه المناسبة الغالية عرفانا بما أسدوه خدمة للدين والوطن والعرش وتعدادها 60 إعانة كإسعاف اجتماعي بغلاف مالي إجمالي قدره 120.000 درهم.

وكان السيد الكثيري قد قام رفقة والي جهة العيون الساقية الحمراء، عامل إقليم العيون، السيد عبد السلام بكرات، وعدد من المقاومين، والمنتخبين، ورؤساء المصالح الخارجية، بزيارة لمقبرة الشهداء بجماعة الدشيرة، للترحم على أرواح الشهداء، وعلى روح جلالة المغفور له محمد الخامس ورفيقه آنذاك في الكفاح جلالة الملك الحسن الثاني، طيب الله ثراه، ولفضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بهذه الجماعة.

اترك تعليقاً