المملكة المتحدة وشبح الفيضانات


المملكة المتحدة وشبح الفيضانات
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

       المملكة المتحدة في مواجهة غضب الطبيعة، وخصوصا العواصف الخطيرة التي تضرب معظم البلاد البريطانية، "غيريت"، "هينك"، "جوسلين" و"إيشا"، هي أربعة من بين عشر عواصف تضرب البلاد هذا الشتاء، مما تسبب في سلسلة من الأمطار الغزيرة التي فرضت ضغطا شديدا على عدة جهات من المملكة المتحدة، لتدرك المملكة المتحدة أن دفاعاتها ضد الفيضانات كانت في حاجة ماسة إلى التدعيم، لما تخلفه من خسائر جسيمة في البنيات الطرقية والسككية في فوضى غير مسبوقة، لاسيما خلال موسم عطلات نهاية السنة، وترحيل السكان الذين غمرت منازلهم المياه، وما يطرحه ذلك من مشاكل اجتماعية وأمنية، وهدر لميزانية الدولة التي تقدر ب 6 مليارات جنيه إسترليني لحماية المنازل منذ العام 2010.

للإشارة، فقد عرفت ليلة رأس السنة، فيضانات التي غمرت نفقين في جنوب إنجلترا إلى انقطاع حركة مرور قطارات "يوروستار"، التي تربط لندن بالعواصم الأوروبية، مما أدى إلى تقطع السبل بما لا يقل عن 30 ألف مسافر.

وفي الوقت الذي أنفقت فيه الحكومة بالفعل 6 مليارات جنيه إسترليني لحماية المنازل منذ العام 2010، اعتبر تقرير صادر عن لجنة الحسابات العامة بالبرلمان أن السلطة التنفيذية لم تقم على نحو كاف بصيانة الدفاعات الحالية ضد الفيضانات أو أنها لم تعمل على إنشاء دفاعات جديدة كافية.

وأدى عجز في التمويل من قبل وكالة البيئة إلى ترك أكثر من 200 ألف أسرة عرضة لخطر الفيضانات "المتزايد"، حسبما أكد النواب البرلمانيون في هذا التقرير الذي نشر أمس الأربعاء.

ويبقى شبح الفيضانات يخيم على 5,7 مليون منزل في إنجلترا والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية ، حيث تعاني لندن وغيرها من مدن المملكة المتحدة ليست مستعدة بالقدر الكافي لمواجهة "التداعيات الكارثية" لتغير المناخ، في حين تمثل مشاكل مثل الفيضانات القوية "خطرا مميتا" على الفئات الضعيفة، هذا ما خلص إليه التحقيق الذي أجراه عمدة العاصمة البريطانية، صادق خان، والذي أصدر سلسلة من "التوصيات العاجلة"، خاصة فيما يتعلق بالتمويل، قصد التكيف مع ظاهرة الاحتباس الحراري.

وتعمل المملكة المتحدة على تنزيل إجراءات نوعية للتكيف مع المناخ وتعزيز المناعة، لأن  المخاطر المناخية الرئيسية التي تواجه لندن هي ارتفاع مستوى مياه سطح البحر، وفيضانات المياه السطحية، والحرارة الشديدة، وحرائق الغابات، والجفاف، مما يؤثر على إمدادات المياه، ويجعل كل الإجراءات تبقى دون جدوى، حيث من المتوقع أن ترتفع مستويات سطح البحر في مصب نهر التايمز بنحو 1,15 متر بحلول نهاية القرن، وتحذر من أن 9 كيلومترات فقط من دفاعات الفيضانات البالغ طولها 126 كيلومترا غرب حاجز التايمز "عالية بما يكفي للاستمرار بعد العام 2050".

وفي هذا الصدد قدر باحثون هولنديون وإيطاليون تكلفة ارتفاع مستوى سطح البحر في المستقبل، حيث توقعوا أن الناتج المحلي الإجمالي لبريطانيا والاتحاد الأوروبي سينخفض بمقدار 872 مليار يورو بحلول العام 2100 عما كان من الممكن أن يكون عليه في عالم لا يمثل فيه ارتفاع مستوى سطح البحر مشكلة.

وخلاصة القول والأبحاث التي قام بها مهتمون بمحاربة الكوارث الطبيعية، أنه أمر مؤرق بالنسبة للمسيرين البريطانيين خلال عام انتخابي يوجد فيه تغير المناخ على رأس اهتمامات الناخبين، مباشرة بعد أزمة تكلفة المعيشة والولوج إلى الرعاية الصحية.

اترك تعليقاً