مضامين الرسالة الملكية في مؤتمر إطلاق المنتدى الإفريقي للمستثمرين السياديين
لتحفيز عزائم القوى الحية في إفريقيا ، ومن أجل مستقبل تتولى فيه أمر تقدمها وتنميتها بنفسها . وجه صاحب الجلالة محمد السادس خطابه للمشاركين في مؤتمر إطلاق المنتدى الإفريقي للمستثمرين السياديين، مهنئا الصناديق السياسية والاستراتيجية الإفريقية الملتئمة في الرباط على مبادرتهم التي تساهم في دعم التنمية وإنجاح المشاريع المهيكلة ذات الأثر الإيجابي الكبير على مساعي التكامل والاندماج في القارة المتطلعة، المبادرة ، الجسورة ، المتصدية للتحديات التي تعترضها محولة إياها إلى فرص للتنمية.
وقد أكد على أن الواجب الإفريقي، يتطلب عمل كل دولة على تحويل الموارد والطاقات إلى إنجازات واعدة بشكل فردي وجماعي يعود بالنفع على المواطنين والأجيال القادمة. خاصة وأن إفريقيا يقول جلالته: " تتوفر على فرص غير مسبوقة، لا سيما في ميادين الاقتصاد الأخضر، والاقتصاد الأزرق، والتكنولوجيا الرقمية ، فهي أيضا ملزمة ، بموازاة ذلك ، بمواصلة جهودها لرفع مختلف التحديات المرتبطة بسيادتها الغذائية والصحية ، واحتياجاتها من البنيات التحتية ، وتثمين مواردها الطبيعية وثرواتها . وإننا على يقين بأن التحديات التي تشهدها العديد من القطاعات اليوم تنطوي، في واقع الأمر، على فرص كثيرة ينبغي اغتنامها لتحقيق قفزات تنموية نوعية أضحت ممكنة بفضل ما تحقق من تقدم، خاصة فيما يتصل بالإنتاجية الزراعية، والولوج إلى المعلومات، والتعاملات المصرفية الرقمية، والعلاجات والتعليم عن بعد".
ولتتبوأ إفريقيا المكانة اللائقة بها، قال جلالة الملك: هي في حاجة إلى استثمارات حقيقية قادرة على ضمان التعبئة الكافية والمستدامة لرؤوس الأموال وتحقيق الاندماج الفعلي في الأسواق المالية، مضيفا: "إن الصناديق الاستثمارية السيادية والاستراتيجية تشكل أدوات فعالة لرصد الفرص، وتساهم في زيادة تدفق رؤوس الأموال نحو القطاعات المنتجة للقيمة الاقتصادية وذات الأثر الاجتماعي الكبير".
ومع ذلك، فلا بد من الإقرار بأن فرص الولوج إلى رؤوس الأموال ما زالت دون المستوى المأمول، في ظل هيمنة تمويلات وكالات وبنوك التنمية، وذلك على الرغم من الجهود المبذولة في القارة الإفريقية على مستوى الإصلاحات المعتمدة في العديد من بلدانها.
وقد صار جليا أن إفريقيا تفرض تغير نظرة العالم إليها بصفة كلية. وهذا ما يلزمها أن تأخذ زمام أمورها ومصيرها بيدها، سيما وأن شعوبها تتكون من شباب مبدعين. أو ليست هي قارة القرن 21؟ يقول جلالة الملك . كيف لا وهي التي ستمثل ربع سكان العالم في أفق 2050. وهي التي ستشكل سوقا لأكثر من 1.2 مليار شخص كما تسجل ناتجا محليا تراكميا يفوق 3.400 مليار دولار عند تفعيل منطقة التبادل الحر القارية الإفريقية.
إنه طموح يستوجب سرعة العمل وتسريع الاستثمار العمومي لوثيرته، إلى جانب تحفيز الرأسمال الخاص لضمان انعكاس إيجابي على القطاعات المنتجة والاستراتيجية. وهي غاية تحفز عليها الرسالة الملكية بالقول: "أنتم مدعوون بصفتكم صناديق استثمارية سيادية للتحلي بالحنكة والصبر اللذين يتطلبهما دوركم كحلقة وصل بين الأولويات الوطنية على المدى الطويل والمستثمرين الخواص، في إطار مقاربة تشاركية تروم تحقيق التنمية المستدامة".
إنها خارطة طريق تحفز على إيلاء الأولوية للمصالح المشتركة من أجل قارة واعدة، تتعاظم أهمية مساعيها هذه لضمان ملاءمة إفريقيا مع النظام المالي الدولي الخاص، وتقوية القدرات والكفاءات. تقول الرسالة الملكية، للارتقاء بها إلى مستوى المواصفات والمعايير الدولية، بما يكرس مكانة إفريقيا كوجهة للمستثمرين والاستثمارات.
إن المغرب حرص دائما على توطيد وشائج الأخوة والتضامن جاعلا التعاون الاقتصادي مع الدول الإفريقية من أولوياته، وهذا ما جسدته الزيارات العديدة التي قام بها جلالة الملك إلى عدد من الدول الإفريقية الشقيقة. بل ويعتبرها جلالته اختيار وجداني: "نعم، إن إفريقيا اختيار وجداني وعقلي في الآن نفسه. إنه اختيار واضح وإرادي يجسده التزامنا من خلال العديد من المبادرات الرامية إلى تعزيز ودعم التعاون والتنمية الاقتصادية في إفريقيا. وهو اختيار أردنا من خلاله اليوم أن نجعل من الاستثمار محركا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتكامل الإقليمي والقاري في إفريقيا "
واستشهد المغرب على المقاربات الشاملة والتشاركية التي انخرط فيها من أجل رفع التحديات العديدة الراهنة والمستقبلية بإشارة الرسالة الملكية إلى أنه " يمكننا أن نذكر في هذا السياق بمشاريع إنشاء وحدات إنتاج اللقاحات، وإقامة مصانع لإنتاج الأسمدة والمخصبات، والتي تهدف على التوالي إلى ضمان السيادة الصحية والغذائية للقارة. كما يمكن أن نشير كذلك إلى الجهود المبذولة من أجل تسريع وتيرة الإدماج المالي للقارة، فضلا عن المشاريع الرامية إلى تعزيز السيادة الطاقية للقارة مثل المشروع الضخم لأنبوب الغاز الذي سيربط بين نيجيريا والمغرب".