قطاع النقل واللوجيستيك يكتسي أهمية كبرى في تحقيق الاستدامة بالمغرب

افتتح يومه الأربعاء بطنجة مؤتمر TOC "إفريقيا"، والمنظم بمبادرة من طنجة المتوسط بشراكة مع "Informa" و"TOC Worldwide"، والذي يعد لقاء دوليا للمحطات المينائية واللوجستيكية. وذلك بمشاركة ممثلين عن 39 بلدا، من بينهم 20 بلدا إفريقيا، وكذا ممثلين عن 22 سلطة مينائية، إلى جانب حوالي 50 فاعلا مينائيا وصناعيا، وأكثر من 40 متحدثا دوليا.
وفي كلمة بالمناسبة، أكد وزير النقل واللوجستيك "محمد عبد الجليل"، أن قطاع النقل واللوجيستيك يكتسي أهمية كبرى في تحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية للمملكة المغربية، موضحا أن هذا القطاع من القطاعات المؤثرة بشكل مباشر على سير عمليات الإنتاج والتسويق والاستهلاك وعلى تنشيط وإنعاش المبادلات التجارية الداخلية والخارجية، خاصة في العصر الحالي المتسم بتزايد التجارة العالمية، مما يجعل أهمية قطاع النقل واللوجيستيك أكثر حدة، لاسيما النقل البحري والموانئ التجارية. مشددا على أن القطاع يحظى باهتمام كبير من لدن السلطات، ويتجلى ذلك في إنجاز مشاريع كبرى في مجال البنيات التحتية من طرق وسكك حديدية وموانئ ومطارات، مبرزا أن الاستثمار العمومي، منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش، عرف نقلة نوعية، سواء من حيث حجم الاستثمارات أو من حيث نوعية المشاريع المنجزة.
وفي ذات السياق، ذكر الوزير بالطابع البحري للمغرب الذي يطل على أحد أهم وأكثف الممرات البحرية في العالم، والمتميز بموقعه الجيوستراتيجي، مشددا على أن المملكة بفضل موقعها واتفاقيات التجارة الحرة المبرمة مع العديد من الشركاء، تسعى لأن تصبح ملتقى للمبادلات التجارية من خلال تعزيز موقعها كقاعدة جهوية في مجال الصناعة والتجارة واللوجيستيك. مسجلا أنه لبلوغ هذا الهدف الاستراتيجي، انخرط المغرب في سياسة تحرير قطاع النقل البحري وتطوير موانئ عصرية وتنافسية، وكذا اعتماد إطار قانوني متطور لتنظيم بناء وصيانة واستغلال المنشآت المينائية، مستحضرا نجاح المركب المينائي طنجة المتوسط الذي مكن المغرب من أن يصبح أول بلد في القارة الإفريقية من حيث مؤشر الربط البحري الخاص بنقل الحاويات، معتبرا إياه خير دليل على التجربة المغربية في هذا المجال، كما كشف عن مشاريع مستقبلية ستساهم في تطوير هذا القطاع وهي: ميناء الناظور غرب المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي، اللذان يوجدان في طور الإنجاز. مضيفا أنه تم وضع استراتيجية مينائية طموحة في أفق 2030 تشكل خارطة الطريق لتطوير موانئ المغرب، تفتح المجال لمشاركة مختلف الجهات الفاعلة من القطاعين العام والخاص. مشيرا إلى أن المغرب راكم تجربة مهمة في الهندسة المالية للمشاريع المينائية وإيجاد الحلول التمويلية لإنجازها وضمان استدامتها المالية، حيث أصبح القطاع الخاص يلعب دورا متناميا في تمويل وبناء واستغلال الموانئ.
وتابع المتحدث ذاته حديثه، مسلطا الضوء على تطلع المغرب إلى تعزيز الاندماج في السلاسل الإنتاجية ذات القيمة المضافة العالية ولاسيما من خلال بناء منظومة لوجيستيكية فعالة، وذلك في ظل مناخ دولي معقد ومتغير باستمرار تهيمن عليه اقتصادات كبرى وتنافسية قوية، منوها بأن الدولة، والقطاع الخاص، حددت استراتيجية لتطوير التنافسية اللوجستيكية في سنة 2010، وعرفت فترة تنزيلها تطوير الفاعلين الوطنيين وتثبيت العديد من المنعشين الدوليين في المنصات الاستراتيجية التي تم إحداثها في المملكة المغربية، وخاصة في طنجة والدار البيضاء، والتي تتموقع بها حوالي 15 شركة لوجيستيكية تعد من بين أفضل 20 شركة لوجستية في العالم.
وفيما يخص الرقمنة، أوضح الوزير بأن رقمنة الخدمات المينائية تعد من بين التحديات الكبرى لتحسين السلسلة اللوجيستيكية ومواكبة الدينامية الاقتصادية التي أطلقتها مختلف مخططات التطوير القطاعية التي تهدف إلى خلق نمو قوي ودائم ومنتج للثروة، مبرزا أن المنظومة المينائية بكافة المتدخلين فيها، تولي أهمية قصوى للتكامل الرقمي ورفع الصفة المادية على المساطر والتبادل الإلكتروني، حيث أصبحت سلسلة الاستيراد/التصدير عبر الموانئ الوطنية أكثر سلاسة بفضل الشباك الوطني للتجارة الخارجية "PORTNET".
أما على المستوى البيئي، فقد شدد على أن إشكالية النقل البحري المستدام تستأثر باهتمام كبير بالمغرب، حيث تمت المصادقة على الاتفاقيات الدولية الهادفة إلى مكافحة التلوث البحري وتحيين الترسانة القانونية الوطنية في هذا المجال، مبينا أن المغرب لم يدخر أي جهد لدعم المبادرات التي تم إطلاقها على المستوى الدولي للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة، مستشهدا بانخراطها في إعلان "كلايدبانك" بشأن الممرات البحرية الخضراء، والذي يعد شهادة قوية على التزام المغرب بالمساهمة في التنفيذ العملي للسياسات البيئية للمنظمات الدولية. كما ذكر بأن المغرب، تنفيذا لمضامين الرسالة الملكية للمشاركين في أشغال قمة العمل المناخي المنعقدة بمقر الأمم المتحدة سنة 2019 بنيويورك، رفع مستوى مساهمته في تخفيف انبعاث الغازات الدفيئة في إطار الاتفاقية الإطار بشأن تغير المناخ إلى نسبة 45,5 في المائة بحلول سنة 2030، منها 18,3 في المائة غير مشروطة، مضيفا أن الحكومة تسارع حاليا لتفعيل عرض المغرب في مجال الهيدروجين الأخضر الذي من شأنه أن يساهم في إيجاد الحلول لنقل بحري مستدام.