صرح ديني بوجدة يجمع بين تحفيظ القرآن وتدريس العلوم الشرعية والحديثة
يرجع تاريخ تأسيس معهد البعث الإسلامي للتعليم العتيق
الخاص ، إلى سنة 1974 بمقرها الأصلي بالمدينة القديمة بجوار المسجد الأعظم الذي
أنشئ في العهد المريني على مساحة إجمالية قدرها 2900 متر مربع ، قبل أن تتحول سنة
1989 إلى معهد في مركزها الجديد، بالنظر لتوسعها وتعدد أطوارها التعليمية، بعد
انفتاحها على جميع الفئات الاجتماعية. وهو يعد صرحا دينيا وعلميا يجمع بين العناية
بالقرآن الكريم (حفظا، وقراءة، وتجويدا، ومدارسة)، والإلمام بكافة العلوم الشرعية
واللغوية والأدبية والعلمية الأخرى الحديثة.
ويضم هذا الصرح، الذي يستقبل حاليا 122 طالبا في المستويات التعليمية الثلاثة، 10
أقسام للتدريس، وجناحين للسكن (13 غرفة نوم)، ومطعما، ومرافق أخرى، ومسجدا كبيرا،
ومكتبة مهمة غنية ومتنوعة، وحديقة خضراء، بالإضافة إلى إدارة المؤسسة التي يديرها
رئيس المجلس العلمي الجهوي لجهة الشرق السيد مصطفى بن حمزة.
ولهذا المعهد حوالي 22 ملحقة على مستوى مدينة وجدة وأحوازها، من بينها، ، مدرسة
بدر القرآنية، والقاضي عياض، وملحقات أخرى (أبو جيدة اليزناسي بعين الصفا، وأهل
الإيمان، وبوغرارة ببودير، والنوري، والشاطبي).
ويقول المشرف على معهد البعث الإسلامي للعلوم الشرعية والفروع التابعة له الخاصة
بتحفيظ القرآن الكريم، إن المعهد أصبح منذ سنة 2002 يخضع للتعليم النظامي التابع
لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية وفقا للقانون 13.01 بشأن التعليم العتيق، حيث
يضم جميع الأطوار التعليمية الثلاثة (ابتدائي، إعدادي وثانوي).
وأبرز أن الطالب بعد حصوله على شهادة الباكالوريا للتعليم العتيق، ينفتح على
الجامعة، وله الحق في اختيار الشعبة التي يرغب متابعة دراسته فيها سواء في كليات
أصول الدين بتطوان، أو الشريعة بفاس، أو الدراسات الإسلامية بكليات الآداب، أو
اللغة العربية بمراكش، أو الحقوق بكليات الحقوق، أو المعهد العالي بنسعيد الوجدي
بوجدة.
ويضيف أن المعهد حقق نتائج إيجابية خاصة أن غالبية الطلبة المتخرجين من مختلف هذه
الكليات، يتواجدون حاليا في حقول وظيفية انسجاما مع الشهادة التي حصلوا عليها،
بالإضافة إلى انفتاح البعض الآخر على التأطير الديني والإرشاد بالنسبة للذين
يلتحقون منهم بمعهد تكوين الأطر الدينية بالرباط، مبرزا أن هؤلاء هم الذين يغطون
حاليا عددا من المساجد سواء على مستوى الإمامة أو الخطابة أو الوعظ والإرشاد.
إن المعهد يستقبل بالإضافة إلى الطلبة المغاربة، نظراءهم الأجانب، مشيرا إلى أن
هذه المؤسسة سبق أن استقبلت أزيد من 56 طالبا من دول الكوت ديفوار، والنيجر،
ومالي، والسودان، والسنغال الذين استطاع غالبيتهم متابعة دراستهم بجامعة القرويين
بفاس، وبعدها بكلية الشريعة وحصلوا على شهادة الدكتوراه قبل عودتهم إلى بلدانهم
ليؤطروا الجانب الديني.
وفضلا عن الاعتماد على الطريقة التقليدية في الحفظ والضبط، فإن المؤسسة تعتمد أيضا
على طريقة تدريس تتلاءم مع متطلبات العصر، من خلال الانفتاح على الموارد الرقمية
للتكنولوجيا الحديثة واللغات الأجنبية، قصد إعداد جيل متكامل، حافظ لكتاب الله،
ومتمكن من العلوم الشرعية واللغوية، ومواكب للمستجدات التربوية والبيداغوجية وكذا
الفكرية والثقافية والعلمية المعاصرة.
وأدلى عدد من طلبة المعهد بشهادة في حق مؤسستهم منوهة بما تتيحه من فرص مواصلة
الدراسة في أحسن الظروف والمرافق والمراجع وأمهات الكتب زيادة على إشراف أساتذة
مؤهلين، في المواد العلمية (رياضيات، كيمياء، فيزياء...)، والعلوم الشرعية (الفقه
وأصوله، والحديث وعلومه، والتفسير، والسيرة النبوية...)، إضافة إلى بعض اللغات
الأجنبية كالفرنسية والإنجليزية.
وأشارت طالبتان إلى أنه بفضل هذه المدرسة تمكنتا من حفظ القرآن الكريم، ومتابعة
دراساتهما في مختلف العلوم خاصة منها الشرعية واللغات، معربتين عن أملهما في بلوغ
مراتب عليا في هذا المجال.
وتبقى مؤسسة البعث الإسلامي منارة علمية تؤدي رسالتها النبيلة وأمانتها الدينية
ومركز إشعاع فكري وديني وأدبي يسهم في نشر الثقافة البانية وتعاليم الإسلام وفق
المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية والتصوف السني بفضل جهود القيمين عليها، لفائدة
طلبة العلم والمعرفة وحفظة كتاب الله الذين يقصدونها من مختلف المدن المغربية ومن
دول أجنبية مختلفة.