الجسم القضائي يقدم دراسة هامة حول النوع الاجتماعي في علاقته بالعدالة
تم، اليوم الجمعة بالرباط، تقديم الدراسة المتعلقة بالتحليل حسب النوع الاجتماعي على مستوى كل من وزارة العدل، والمجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئاسة النيابة العامة.
وتهدف هذه الدراسة التي تم إنجازها بشراكة مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب، ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا)، ومركز الامتياز الخاص بميزانية النوع الاجتماعي التابع لوزارة الاقتصاد والمالية، إلى تشخيص التفاوتات بين الجنسين، ووضع خارطة طريق لكل مؤسسة على حدة لتعزيز تعميم مراعاة مقاربة النوع الاجتماعي.
وتوخت هذه الدراسة، التي أنجزت بدعم مالي من الاتحاد الأوروبي والوكالة الفرنسية للتنمية، تزامنا مع الحملة الأممية لمحاربة العنف ضد النساء، تحديد التحديات ذات الصلة بالمساواة بين الجنسين في قطاع العدالة، وأدوار ومسؤوليات جميع المتدخلين في هذا القطاع.
وتهم التحديات التي رصدها هذا التحليل، على الخصوص، وجود عوائق سوسيو-ثقافية تتعلق بمعايير وقيم اجتماعية تمييزية، ونقص الإحصائيات والتقييم القائم على النوع، مما يجعل من الصعب تحليل آثار سياسات القرب والإجراءات المحفزة للمساواة بين الجنسين، فضلا عن الهوة الرقمية بين المجالين الحضري والقروي التي تعزز التفاوتات في سياق متسارع للرقمنة.
وتطرقت الدراسة، أيضا، للممارسات الجيدة في مجال إعمال مقاربة النوع الاجتماعي، مشيرة في هذا الصدد إلى التزام المؤسسات الثلاث بإدماج بعد النوع في سياساتها وممارساتها، وكذا جهودها التنسيقية، وكذا إدماج هذا البعد على مستوى اتخاذ القرارات وتفعيل وتقييم الأثر، بالإضافة إلى وجود أهداف واضحة ترتبط بالموارد البشرية، وبتعزيز ريادة النساء من أجل تقوية ولوجهن لمراكز القرار.
كما سجلت الجهود الملموسة في ما يتعلق بتحسيس وتكوين الأطر الإدارية والفاعلين القضائيينن في مجال النوع الاجتماعي، مشيرة إلى وجود آلية للتتبع والحرص على وضعية النساء في مجال العدالة، وأجهزة للتكفل ومواكبة النساء والفتيات ضحايا العنف، مما يعكس الالتزام الواضح بمعالجة والوقاية من العنف على المستوى القضائي.
وركزت التوجيهات والتوصيات الاستراتيجية للدراسة على تعزيز تمثيلية النساء وتشجيع ولوجهن لمراكز الريادة في قطاع العدالة، وإحداث وحدات للنوع، مخصصة للمساواة بين الجنسين في المؤسسات القضائية، وإعداد ميزانية قائمة على النوع، بالإضافة إلى ضمان الولوج إلى رقمنة دامجة، وتنظيم حملات تحسيسية حول حقوق المرأة، والتكوين المستمر، وتجميع المعطيات المتعلقة بالنوع الاجتماعي، وتعزيز التنسيق.
وفي كلمة بالمناسبة، قال الكاتب العام لوزارة العدل، عبد الرحيم مياد، إن الهدف من هذه الدراسة هو وضع خارطة طريق تمكن من بلورة وتتبع وتقييم البرامج والمبادرات الهادفة إلى النهوض بوضعية المرأة داخل منظومة العدالة، موضحا أن هذه الدراسة تأتي دعما للمجهودات التي تقوم بها وزارة العدل إلى جانب كل من المجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة.
وأضاف السيد مياد، الكاتب العام لوزارة العدل، أن "هذا التشخيص أعطانا صورة محددة عن الفوارق القائمة بين حقوق المرأة المكرسة قانونا، والواقع المعاش، وكذلك الممارسات الجيدة"، لافتا إلى أن الدراسة تطلبت العمل المشترك من أجل التنسيق والتعاون بين المؤسسات المكونة لمنظومة العدالة، وتحقيق الالتقائية والتكامل بين مختلف الشركاء.
وأبرز أن هذا التحليل ارتكز على ثلاثة مستويات، منها: "المستوى الكلي"، والذي اعتمد على تحليل مجموع القوانين والسياسات الاستراتيجية الحكومية ذات الصلة بمجال المساواة بين الجنسين على الصعيد الوطني والقطاعي، و"المستوى المتوسط أو المؤسساتي" عبر إجراء تدقيقات تشاركية في المساواة بين الجنسين لتقييم قدرة المؤسسات الثلاث على دمج قضايا المساواة بين الجنسين، ثم "المستوى الجزئي" الذي استهدف فهم تأثير النوع الاجتماعي على إجراءات التقاضي والولوج إلى العدالة والوصول إلى مختلف الخدمات التي يقدمها قطاع العدالة.
من جانبه، نوه الأمين العام للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، منير المنتصر بالله، بالجهود التي بذلها الخبراء المشرفون على إنجاز هذه الدراسة، مبرزا أن الأمر يتعلق بعمل متكامل مكن من الخروج بتوصيات مهمة، ورسم خارطة طريق دقيقة، في مجال النوع الاجتماعي في قطاع العدالة.
وبعد أن أوضح أن المغرب انخرط بقوة في الدينامية الدولية الرامية إلى النهوض بحقوق الإنسان عامة، أشار السيد المنتصر بالله إلى الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي باشرتها المملكة في مجال إدماج مقاربة النوع في السياسات العمومية، مشيرا في هذا الصدد إلى أن نسبة النساء القاضيات في الجسم القضائي للمملكة تصل إلى 27 في المائة.
ومن جهته، اعتبر الكاتب العام لرئاسة النيابة العامة، هشام بلاوي، أن هذه الدراسة تأتي في سياق تعزيز بناء المؤسسات، وكذا في إطار البناء المجتمعي للمغرب على أساس المساواة بين الجنسين، منوها بالمجهود النوعي الذي بذلته كافة مكونات العدالة التي ساهمت في بلورة محتوى هذه الدراسة.
وفي تصريح صحفي، قالت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب، مريم النصيري، إن هذا التحليل يعد خطوة مهمة للغاية اتخذتها المؤسسات الثلاث في قطاع العدالة " لجعل العدالة أكثر مراعاة للنوع الاجتماعي، في سياق الإصلاحات التي باشرتها الحكومة المغربية"، موضحة أنه سيسهم، وبشكل فعال، في ضمان مراعاة الاحتياجات الخاصة بالمرأة في قطاع العدالة، سواء كمهنيات قانونيات أو كمتقاضيات، عبر فتح وتوسيع نطاق الوصول العادل والشامل للمرأة إلى العدالة.
وتجدر الإشارة إلى أنه تم إنجاز الدراسة المتعلقة بالتحليل حسب النوع الاجتماعي على مستوى وزارة العدل والمجلس الأعلى للسلطة القضائية ورئاسة النيابة العامة، على المستوى المركزي وبالدوائر القضائية لمحاكم الاستئناف بالرباط وطنجة وفاس ووجدة.