التراث الأمازيغي من الشفوي إلى المكتوب
يحظى التراث الأمازيغي بإقبال كبير من قبل
الناطقين بهذه اللغة وغيرهم، مع الاهتمام بما ينشر على المستويات الإبداعية
والإنتاج البحثي في مختلف فروعها المعرفية، لينتقل من التدوين الشفوي إلى المكتوب.
وهذا راجع بالأساس إلى النهج الذي سار عليه المبدعون والأكاديميون بتدوين التراث
الأمازيغي الشفهي وتحويله من المتداول التواصلي العادي إلى وثائق متاحة للجميع
للاطلاع عليها والاستفادة من مضمونها المتنوع، حيث أن عددا من الباحثين في المجال
الأمازيغي ، يؤكدون أن نقل التراث الأمازيغي الشفهي إلى المكتوب، سواء بحرف
تيفيناغ أو باللغة العربية وغيرها، أعطى ثماره من حيث الانتشار والتوثيق وتوفير
مادة بحثية مهمة أتاحت للمهتمين إمكانية دراستها عن قرب، كما أبرز هؤلاء الباحثون
أن الانتقال من الشفهي إلى الكتابي للتراث واللغة الأمازيغيين يتطلب دراية
بمكنونات الإرث الثقافي المتداول على مستوى التواصل الجماعي والفردي، والكيفية
التي يمكن بها توثيقه وجعله في متناول الجميع، من خلال الكتب والمؤلفات والدواوين
الشعرية والأبحاث.
وفي هذا الصدد بذل المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية جهدا معتبرا في هذا المجال، وذلك في إطار مهامه المنصوص عليها في ظهير إحداثه حيث تؤكد المادة الثالثة منه أن من مهام المعهد "تجميع وتدوين مختلف تعابير الثقافة الأمازيغية والحفاظ عليها وحمايتها وضمان انتشارها".
وأشار الباحث في مركز الدراسات التاريخية بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، المحفوظ أسمهري، أن من مهام هذه المؤسسة الثقافية التوثيق العلمي للتراث الأمازيغي بكل أصنافه، سيما من خلال الاعتماد على الرواية الشفهية، وأن إنقاذ التراث الشفهي الأمازيغي يتم عن طريق تدوينه، وهو ما يمكن من تحليله ودراسته بشكل علمي معمق.
من جهة آخرى، اعتبر الحسين أموزاي، الباحث بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، أن نقل الإبداع من الشفهي إلى الكتابي مكن من بروز جيل جديد من الشعراء أعطى نفسا جديدا للشعر الأمازيغي من خلال كتابته وتدوينه، حيث أن الإمكانات التي تم توفيرها من أجل الرقي باللغة والثقافة الأمازيغية، أعطت نفسا آخر لهذه الأعمال الأدبية التي رسخت مفهوما ومسارا جديدين للمتداول الشفهي لكي يصبح مكتوبا من خلال إبداعات متنوعة.
كما أكد الحسين أموزاي أن كتابة الشعر الحديث والقصة والرواية الأمازيغية ، مكن من تحقيق زخم كبير من الإبداعات والتجارب الأدبية الهامة، بشكل يتحول معه التراث المتداول شفاهيا إلى نص مدون ذي قيمة علمية رصينة، ويستجيب للمتطلبات الأكاديمية والتقنية الضرورية.
تبقى الكتابة لها أبعاد معرفية وتأريخية ودور في الحفاظ على الموروث الثقافي والإبداعي الأمازيغي، كما أن هناك أنماطا أخرى من الحفز يمكن الاعتماد عليها عبر الرقمنة التي أصبحت لها جاذبيتها التوثيقية الفعالة والسهلة.