المحيط الجنوبي: الإجهاد الحديدي في سلسلة المأكولات البحرية يقلق علماء المحيطات
يشير مشروع بحثي جديد بقيادة علماء المحيطات في جنوب إفريقيا تم نشره في جريدة "Science" إلى وجود زيادة كبيرة بمقدار خمسة أضعاف في "الإجهاد الحديدي" في العوالق النباتية في المحيط الجنوبي على مدار الـ 26 عاما الماضية.
ويعتبر الحديد عنصر أساسي من المغذيات الدقيقة للعوالق النباتية، والتي تشكل أساس سلسلة المأكولات البحرية بأكملها.
والعوالق النباتية هي نباتات بحرية صغيرة وحيدة الخلية تطفو بالآلاف في كل قطرة ماء تقريبا بالقرب من سطح المحيط. مثل الأشجار في البر الرئيسي، تمتص هذه النباتات المجهرية ثاني أكسيد الكربون، وتصنع الكربوهيدرات باستخدام الطاقة من الشمس، وتطلق الأكسجين.
وتوفر العوالق الغذاء، بشكل مباشر أو غير مباشر، للعديد من الكائنات البحرية الصغيرة الأخرى التي تأكل هذه النباتات وتغذي في النهاية كائنات أكبر مثل الأسماك والفقمات والحيتان.
وهذه النباتات البحرية المجهرية مسؤولة أيضا عن تدوير ما يقرب من نصف ثاني أكسيد الكربون على الأرض من خلال عملية التمثيل الضوئي، مما يساعد على حماية الكوكب من الأحمال الكربونية الإضافية لأزمة المناخ التي يقودها الإنسان.
و هذه الأسباب تثير قلق الباحثين، لأن الإجهاد الحديدي في هذا المحيط الشاسع قد يؤدي إلى انخفاض في إنتاجية العوالق النباتية، مما قد يكون له تأثير سلبي على مستقبل مناخ الأرض وإمدادات طاقة النظام البيئي.
يتم تنظيم ثاني أكسيد الكربون غير البشري المنشأ في الغلاف الجوي بواسطة النباتات الموجودة على الأرض والعوالق النباتية في المحيط، كجزء من دورة الكربون الطبيعية. لكن التغييرات في هذه الدورة يمكن أن تؤثر على قدرة المحيطات على امتصاص ثاني أكسيد الكربون البشري المنشأ.
لكن العمليات التي تؤدي إلى توافر الحديد المذاب في المحيط الجنوبي ليست مفهومة جيدا ولا يمكن قياس مستوياتها بدقة في مثل هذه المساحة الشاسعة والعميقة. كما لا توجد سجلات مستفيضة لتحديد التغييرات التاريخية لهذه المغذيات الدقيقة الرئيسية في منطقة معروفة بأنها محدودة الحديد مقارنة مع المحيطات الأخرى.
وتؤثر هذه الزيادة في إجهاد الحديد على نمو العوالق النباتية سلبا، حيث تصبح الغالبية العظمى من المحيط الجنوبي أقل إنتاجية بمرور الوقت، وهذا له انعكاس مهم على دور النباتات البحرية في دفع دورة الكربون الطبيعية وإمدادات طاقة النظام البيئي.
في هذه المرحلة، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت إشارات الإجهاد الحديدي مرتبطة بالسلوك البيولوجي المتغير للنباتات بسبب عوامل مناخية أكثر تعقيدا تزيد من طلبها على الحديد، أو ما إذا كان هناك انخفاض مادي في إمداد الحديد إلى الجزء العلوي من مستويات المحيط الجنوبي.
وعلى سبيل المثال، قد يؤدي تحمض المحيطات بسبب ارتفاع مستويات ثاني أكسيد الكربون إلى زيادة صعوبة امتصاص العوالق النباتية لمغذيات الحديد المتاحة.
وبدلا من ذلك، قد يؤدي التحول باتجاه القطب الجنوبي للرياح الغربية إلى استنفاد طبقة الأوزون، وزيادة الغازات الدفيئة على مدار الخمسين عاما الماضية إلى تغيير الإمداد الجوي لجزيئات الغبار الغنية بالحديد من باتاغونيا أو جنوب إفريقيا أو أستراليا، أو قد يؤدي ارتفاع درجات حرارة المحيط إلى تسريع استقلاب العوالق النباتية، وبالتالي زيادة الطلب على الحديد.
والاحتمال الآخر هو أن ارتفاع درجة حرارة المحيط قد يغير الطريقة التي تختلط بها طبقات المحيط المختلفة، وبالتالي يحد من حركة المياه العميقة الغنية بالحديد نحو السطح.