نساء رائدات ترفع لهن القبعات تقديرا واحتراما


نساء رائدات ترفع لهن القبعات تقديرا واحتراما
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

      بعزيمة قوية، كرسن جهودهن من أجل الإسهام في خدمة المجتمع المدني بمدنهن، بإصرار وانخراط في مجموعة من المبادرات الهادفة، جعلت منهن نموذجا لسيدات فرضن وجودهن وأثبتن قدراتهن على كسب رهان التحدي والنجاح في مجالات اشتغالهن. 

هذه نماذج لبعضهن ممن تستحق التنويه والتقدير والتشجيع:

1 - فاطمة مسفر.. فنانة تشكيلية كرست انشغالاتها من أجل خدمة الأطفال والنساء بتارودانت:

تسعى، من خلال لوحاتها، إلى إبراز الإرث الثقافي والحضاري الذي يزخر به المغرب، الذي تعتبره مصدرا مهما للإلهام، من خلال حرصها على نقل الحياة اليومية للإنسان المغربي، خاصة المرأة التي تأخذ حيزا هاما من إبداعاتها، واختارت أن ترسم طريقا، على الرغم من الإكراهات والصعوبات، لمسار حافل بالعطاء في المجال الجمعوي بتارودانت، من خلال العمل مع مجموعة من الجمعيات، قبل أن تقوم بتأسيس جمعية "دار الفنان" بتارودانت، رفقة مجموعة من الفنانين والفنانات بالمدينة.

وبخصوص بداياتها في مجال الفن التشكيلي، قالت مسفر: إن اهتمامها بالفن التشكيلي بدأ وعمرها لم يتجاوز الخامس عشر، وأن ممارستها للعمل الجمعوي وعلاقتها الوطيدة مع مجموعة من أعضاء الجمعيات النسائية بمدينة تارودانت كان لها حافزا للمضي في مسارها الجمعوي، ومحاولتها التوفيق بين أسرتها والعمل الجمعوي، داعية الفئات الشابة من المجتمع إلى الانخراط في هذا العمل لضمان الاستمرارية ولكون هذا المجال يقتضي الحيوية والجرأة والاجتهاد.

2 - خديجة الناصيري.. شابة ريادية نقلت شغفها بالخياطة التقليدية إلى بنات بلدتها بإقليم طاطا:

 بدأت رحلتها في عالم الخياطة بمدينة سلا، حيث تابعت تكوينات مهنية حصلت، من خلالها، على عدة شواهد تكوينية مكنتها من صقل مهاراتها في تصميم الأزياء التقليدية الأمازيغية، التي تشتهر بتفاصيلها الدقيقة وألوانها الزاهية.

تعد واحدة من النماذج النسائية الشابة بإقليم طاطا، التي استطاعت أن تزاوج بين حبها للتراث الأمازيغي وروحها الريادية في مجال الخياطة التقليدية، إذ استطاعت أن تصنع لنفسها مكانة متميزة في عالم تصميم وخياطة الملابس التقليدية الأمازيغية.

قامت بتأطير أزيد من 20 امرأة في مجال الخياطة والفصالة، ساعية إلى تمكينهن من الاستقلالية المادية، ومن توفير بدائل خاصة لفائدة النساء في وضعية هشاشة، حتى تتمكن من التمتع بحقوقهن واستقلاليتهن وانخراطهن في الحياة المدنية، وبعزم ورغبة شديدين، تشجع الشابة العصامية النساء الصانعات القرويات على الانخراط في العمل التعاوني لتحسين مستواهن المعيشي والاقتصادي، كما تساعدهن من جلب منتوجاتهن إلى الفضاء العام وتسويقها مما يساعدهن اقتصاديا واجتماعيا.

هي اليوم، تعد نموذجا للمرأة الشابة الطموحة، التي استطاعت أن تجمع بين التكوين المهني، والتمكين الاقتصادي، وحفظ التراث الثقافي، وتشكل مبادرتها نموذجا يحتذى به في تعزيز دور المرأة في التنمية المحلية ودعم الاقتصاد الاجتماعي التضامني.

3 - صوفيا إيزوكا بصمة نسائية في مراقبة وختم الجوازات بمطار مراكش المنارةّ:

استطاعت بإصرارها القوي وإرادتها، أن تحقق حلمها بالالتحاق بصفوف الأمن الوطني، في الوقت الذي كان من الممكن أن تسلك مسارا مغايرا ضمن عالم الأعمال.

ورسمت هذه السيدة البالغة من العمر 38 سنة، والحاصلة على الإجازة والماستر في التدبير المقاولاتي، مسارا واعدا، منذ التحاقها في 2011، بالمديرية العامة للأمن الوطني برتبة حارسة أمن.

وبفضل مثابرتها وحنكتها وشغفها وبساطتها، تمكنت صوفيا إيزوكا من فرض نفسها في ممارسة مهامها والتدرج في المراتب لتصير مثالا للالتزام والتفاني.

وإلى جانب شغفها بالمطالعة والطبخ، لا تألو، هذه الأم لطفلين، جهدا في ممارسة مهنتها على النحو الأفضل وإعطاء أفضل ما لديها في سبيل ذلك.

وترى هذه الكفاءة الأمنية، أن التكوين يظل ركيزة أساسية في مسيرتها المهنية، قصد تحسين أدائها والاضطلاع بمهمتها على أكمل وجه ممكن.

4 - كريمة القري مغربية في خدمة التنمية الدولية:  

"غالبا ما أجد صعوبة في الحديث عن نفسي، خوفا من الانخراط في تصنيفات قد تبدو جوفاء"، بهذه الكلمات المتواضعة تقدم نفسها، كريمة القري، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة بماليزيا وسنغافورة وبروناي دار السلام.

ومع ذلك، فإن خلف هذا التحفظ التلقائي لهذه السيدة الودودة، إرث عائلي غني ومسار مهني حافل. تميزت كريمة القري ببحثها الدائم عن المعرفة وشغفها باللغات، مما مكنها من الحصول على إجازة في اللغة الإنجليزية من جامعة محمد الخامس بالرباط، ثم شهادة الماستر في اللسانيات التطبيقية من "تيتشر كوليج" بجامعة كولومبيا في نيويورك.

بدأت مسيرتها المهنية كأستاذة بجامعة الأخوين بإفران، قبل أن تنتقل إلى آفاق أخرى. وتشير إلى أنها كانت في البداية شغوفة بتدريس اللغات والأدب، ولكن سرعان ما شعرت بالحاجة، ليس فقط، إلى تعميق معارفها، بل كذلك إلى "التفكير والتصرف بطريقة أكثر شمولا".

لهذا الطموح تأثير ملموس قادها نحو مسيرة مهنية دولية في الأمم المتحدة، أولا في إطار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ثم في لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (الإسكوا) في بيروت، حيث دبرت ملف السكان والتنمية الاجتماعية، ثم القسم المسؤول عن تنفيذ خطة سنة 2030 في الدول العربية.

هذه التجربة عززت قناعتها العميقة بقيمة التضامن النسائي، وبالتالي التزامها بالمساواة بين الجنسين، والتي تعتبرها أساسا للتنمية المستدامة.

5 - حارسة الأمن شيماء الرشيد.. نموذج للانخراط الفعال في خدمة الأمن الحضري بالدار البيضاء:

بزيها الرسمي الأنيق ونظراتها الثاقبة، تجسد شيماء الرشيد، حارسة أمن بولاية الأمن بالدار البيضاء، قيم الالتزام والمهنية السائدة داخل المديرية العامة للأمن الوطني، وبالمركز الرئيسي للقيادة والتنسيق بالدار البيضاء، تمارس المهنة التي كانت تحلم بأدائها، وتعرف بتفانيها وصرامتها والتزامها، حيث تجعل هذه الشرطية سلامة وأمن المواطنين ضمن أولوياتها، من خلال العمل في هذه المنشأة الأمنية المتكاملة لتدبير الأمن الطرقي وتطوير آليات شرطة النجدة ودمج التكنولوجيا في المراقبة الحضرية بالكاميرا.

وبفضل انضباطها ودقتها المثالية، أثبتت أن النساء الشرطيات يتمتعن بمكانة مشرفة داخل المديرية العامة للأمن الوطني، حيث تقول: إنه "لا يوجد فرق بين الرجل والمرأة داخل الجهاز، زميلي الرجل يقوم بنفس المهام، ويتحمل نفس المسؤوليات التي أتحملها "، مبرزة الأهمية التي توليها المديرية العامة للأمن الوطني للمساواة بين الجنسين والفرص المتاحة لهم.

وإلى جانب عزمها على تحقيق النجاح في مسيرتها المهنية تطمح شيماء الرشيد إلى الرفع من أدائها والتطور داخل المديرية العامة للأمن الوطني، والمساهمة بشكل فعال في حماية وأمن المواطنين. بالنسبة لها، لم يكن عملها مجرد وظيفة، بل التزاما مستمرا، ومهمة تقوم بها بشرف وفخر.

6 - أسماء رشدي فنانة تشكيلية في خدمة تمكين المرأة الإفريقية:

 من خلال لوحاتها المذهلة، تمكنت الفنانة التشكيلية، من منح صوت النساء اللائي نادرا ما أتيحت لهن الفرصة للتعبير عن أنفسهن علنا في العديد من الثقافات الإفريقية، فمن خلال فرشاتها، تحول الجسد الأنثوي إلى رمز للتمكين والقوة والجمال، قادر على حمل الروايات التي غالبا ما يمحوها الزمن والتاريخ.

وقالت في بوح: "لوحاتي تحمل كلمة كانت مكممة لفترة طويلة، مؤكدة جمال ونبل النساء السود، وكذا قدرتهن على التمرد ضد الصور النمطية والقهر".

وأكدت أن "اللون والضوء ضروريان في لوحتي: بدون ضوء، لن تكون سوى الفوضى، ولا أستطيع حتى تخيلها"، مشيرة إلى أن اللون هو لغة ما قبل لفظية، ووسيلة للتعبير، في صمت، لقول ما لا يمكن قوله بالكلمات.

أعمالها تندرج في إطار تفكير أوسع حول التنوع في الفن المعاصر، بالرغم من أن أشكالها تفلت من التمثيل الكلاسيكي، إلا أنها تسعى إلى منح هوية معاصرة متجددة. تتبنى الفنانة التشكيلية معنى خفيا عمقه يتجاوز الجماليات البسيطة.

أعمالها، التي تتحدث عن الجذور والنسوية والتحرر، تندمج بشكل كامل في هذا المشروع الشامل، حيث يصبح الفن وسيلة لفهم الآخر بشكل أفضل وتعزيز التضامن من خلال الثقافة.

 "فن وسفر" هي امتداد طبيعي لالتزامها الفني والشخصي، وهو التزام يهدف إلى جعل الفن ناقلا قويا للحوار والتفاهم بين الثقافات.

اترك تعليقاً