قصر عين أسردون من مبنى بحمولة تاريخية عريقة إلى متحف يتحدث لغة الحاضر


قصر عين أسردون  من مبنى بحمولة تاريخية عريقة إلى متحف يتحدث لغة الحاضر صورة - م.ع.ن
أفريكا فور بريس - هيئة التحرير

       قصر عين أسردون البعيد عن صخب مدينة بني ملال المنتصب على علو 2200 متر عن سطح البحر، اكتسى حلة جديدة بعد خضوعه لعملية تأهيل واسعة، ليتحول من معلمة محملة بعبق التاريخ إلى متحف يتحدث لغة الحاضر باستقباله أحدث أعمال وإبداعات فناني الجهة وخارجها. وقد كان في الأصل حصنا ،تحكي عنه مصادر تاريخية، أنه بني من قبل قبائل تادلة القديمة "بني ملال" لأغراض دفاعية استراتيجية مع نهاية القرن 19، وظل منذ ذلك التاريخ يقاوم عوائد الزمان ويتمثل كصرح أثري يعكس أصالة منطقة وتقاليد أجداد في حقبة معينة من تاريخ المملكة. وقد شيد لحماية المدينة من غزوات الأعداء وتأمين منابع مياه عين أسردون، كما تقول المصادر.

علاوة على أنه يتيح إطلالة بانورامية على السلاسل الخضراء ل’’الدير’’ وحقول الزيتون والبساتين الممتدة على مدى البصر فوق سهل تادلة، فضلا عن كونه فضاء مثاليا لكسر الروتين اليومي وتجزية الوقت بخرجات ونزهات تخفف من وطأة الحرارة التي تسود إقليم بني ملال صيفا.
عادت إليه الحياة بعد أشهر من الترميم والتأهيل، وبات جاهزا كمتحف تعرض فيه أعمال فنانين كبار مغاربة وأجانب، لكن من دون التخلي عن طابعه السياحي والأثري المساهم في الترويج لجهة بني ملال ـخنيفرة. واستخدمت في أعمال الترميم التربة الصفراء المكونة من الحجر الجيري والطين، في احترام للمواد والتقنيات الأصلية المختلفة التي استخدمت في بناء الحصن.
وها قد ارتأت السلطات جعله مكانا لإشعاع الثقافة المحلية لتوسيع العرض الفني لجهة بني ملال ـخنيفرة.
حيث يأتي تحويله إلى متحف ليكون فضاء مناسبا للفنانين لعرض إبداعاتهم الفنية وتقاسمها مع الزوار، وذلك في إطار مشروع واسع يروم إعادة تأهيل موقع عين سردون، المصنف منذ عام 1947 تراثا وطنيا.
وقد أفاد المحافظ الجهوي للتراث ببني ملال ـخنيفرة محمد شكري ،  بأن ترميم هذا المكان الرمزي يهدف إلى استعادة مجده السابق دون المساس بهويته والمواد المستخدمة خلال بنائه الأصلي، مشيرا إلى أن ترميم القصر روعيت فيه المواد التي كان بني بها في متم القرن 19، كما تشير إلى ذلك الأخبار الشفهية. مذكرا بأن هذه الجهة تزخر بمعالم أثرية مهمة تزيد من شهرتها، منها الحصون العدة المنتشرة على طول ’’الدير’’ الذي كان بمثابة برج مراقبة لقبائل بني ملال. وأشار إلى أن قصر عين أسردون خضع للتهيئة لتمكينه من استضافة عروض فنية، وتأمينه عبر تجهيزه بكاميرات للمراقبة و تعزيز بنيانه من اجل تحصينه وحمايته من التقلبات الجوية القاسية، مؤكدا حرص المحافظة الجهوية للتراث ببني ملال على استعادة الطابع القديم لهذا الفضاء الوطني الطبيعي المتميز والإبقاء على خصوصيته.

ويندرج تأهيل الموقع السياحي هذا  في إطار تفعيل اتفاقية الشراكة الموقعة بين وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، ومجلس جهة بني ملال-خنيفرة، والمكتب الشريف للفوسفاط، والشركة المغربية للهندسة السياحية. وتحج ساكنة الجهة ومن خارجها باستمرار للاستمتاع بالمناظر الطبيعية الاستثنائية التي توفرها الحدائق الأندلسية المحيطة بمدينة ملال، خاصة شلالات عين أسردون، ولاكتشاف ، أيضا ، معالم المدينة العتيقة والأحياء المنتشرة بأسفل الجبل.

اترك تعليقاً