فاس تحتفي بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية في ذكراها الستين


فاس تحتفي بالنقابة الوطنية للصحافة المغربية في ذكراها الستين صورة - صورة : أ.4.ب
أفريكا 4 بريس / محمد نجيب السجاع

      في إطار الاحتفال بالذكرى الستين لتأسيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، نظم فرع فاس يوم الثلاثاء 24 يناير 2023 بالقاعة الكبرى لغرفة التجارة والصناعة والخدمات لجهة فاس مكناس انطلاقا من الساعة الرابعة مساء لقاء تواصليا تحت شعار " الإعلام والبناء الديمقراطي".

استهل هذا اللقاء الزميل إدريس العادل كاتب الفرع بفاس، بكلمة رحب من خلالها بالضيوف وعلى رأسهم مؤطر هذا اللقاء، رئيس المجلس الوطني للنقابة، الأستاذ: عبد الكبير اخشيشن، وبكل الحضور من منتخبين ورجال الصحافة والإعلام بمختلف مشاربهم. مذكرا بالرجالات الذين ناضلوا من أجل خلق وتأسيس هذا الجهاز الذي يعد الحصن الحصين للدفاع عن حقوق أصحاب الرأي من رجال الإعلام والصحافة، إن على المستوى الوطني أو المحلي. منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر. وبه وجب الترحم على أرواح الذين غادرونا منهم إلى دار البقاء بقراءة الفاتحة. بعد ذلك نوه بفرع فاس للنقابة الذي تم تأسيسه منذ 32 سنة، والذي يعد من أنشط الفروع على المستوى الوطني.

بعد ذلك جاءت المداخلة الرئيسية لهذا اللقاء، والتي ألقاها الأستاذ عبد الكبير اخشيشن تحت عنوان: الإعلام والبناء الديمقراطي. حيث قسمها إلى مراحل. فانتقل بالحضور إلى الوراء عبر الزمن ليوضح دور الإعلام في بناء الدولة الديمقراطية منذ تأسيس النقابة الوطنية سنة 1963 حتى سنة 1993، معتبرا هذه الفترة من أصعب الفترات التي مرت على الإعلام المغربي. حيث عرفت في بدايتها صراعات سياسية قوية بين الأطياف السياسية آنذاك من أحزاب وحركات. الأمر الذي أدخل الجسم الصحفي والإعلامي في شك وقلق حول المستقبل. إلا أن النقابة آنذاك استطاعت بنضالها بكل حكمة، العمل على توحيد الجميع رغم اختلاف الأهداف والتوجهات من أجل مواجهة التوتر القائم من جهة، وضمان البقاء والدفاع عنه من جهة أخرى. ثم انتقل بالحضور إلى المرحلة الثانية التي امتدت بحسبه من 1993 إلى 2000، والتي خرجت الصحافة والإعلام خلالها من الدفاع عن البقاء إلى المشاركة في الحياة السياسية والديمقراطية بإدماج الصحافة الحزبية. مع الفصل بين هيئة الناشرين ونقابة الصحافيين. مركزا على أن هذه الفترة عرفت غيابا كليا لأي نقاش يخص المهنية والاستقلالية وحرية التعبير.

إلى أن جاءت مرحلة ما بعد سنة 2000، التي أصبح خلالها الإنتاج المغربي الخالص يرى النور، كما صارت الصحافة الوطنية تهتم بالإنسان المغربي بمعيشه اليومي ومشاكله وحاجياته. وأصبحت النقابة أكثر من أي وقت مضى تدافع عن حرية التعبير، ومناقشة الأوضاع المادية والاجتماعية للصحافيين.

مشيرا إلى الاستثناء الذي طبع تعامل النقابة مع احتجاجات، 20 فبراير 2011 حين اتهمت بالتفرج والتزام الحياد السلبي. موضحا أن الأمر لم يكن كذلك، بل كانت النقابة آنذاك واعية بكل ما كان يحاك ضد هذا البلد وخاصة بعد توغل المال خلال تلك الفترة في الإعلام والصحافة من أجل احتواءها والسيطرة عليها. الأمر الذي فرض عليها التعامل بالحكمة، واتخاذ الحيطة والحذر اجتنابا منها الانجذاب إلى أي تيار من التيارات لخدمة أجندات محددة.

ومنوها إلى انتشار صحافة التفاهة واللوبيات التي أفسدت الحقل الإعلامي والصحفي خلال السنوات الأخيرة، باعتبار أن مهنة الصحافة أصبحت الأولى التي من يدخلها عبر النوافذ أكثر ممن يدخلها عبر الأبواب، وذلك لأنها سلطة، وهناك العديد ممن يتوق إلى السلطة. وأرجع السبب في ذلك حسب رأيه إلى الإهمال الواضح للوزارة الوصية على الشأن الإعلامي والصحفي مؤكدا في نفس الوقت أن النقابة لوحدها لا تستطيع القضاء على الظاهرة التي تعتبر عالمية، ولكن إذا ما تظافرت الجهود كل من موقعه: فيدرالية الناشرين، النقابة الوطنية بفروعها، ومجالس تحرير الجرائد والمواقع الإلكترونية. مع تمتيع الإعلاميين والصحافيين الحقيقيين بالاستقلالية، وبكامل حقوقهم مع محاسبتهم، سيدفعهم للانتفاضة من أجل تطهير الذات، ومحاربة كل ما من شأنه تلويث الجسم الإعلامي والصحفي. وبالتالي تضييق الخناق على المرتزقة والمفسدين. حتى تسترجع الصحافة هبتها. لأننا نعي الآن جيدا أن الذين سموها ب" صاحبة الجلالة" أو ب "السلطة الرابعة" لم يكن اعتباطيا.

أما مداخلة رئيس مركز حقوق الناس بالمغرب الأستاذ جمال الشاهدي، والتي حملت عنوان:"دور الإعلام في النهوض بحقوق الإنسان وترسيخ الديمقراطية. فأوضح من خلالها العلاقة الجدلية التي تربط الإعلام بحقوق الإنسان. مشيرا إلى كون المغرب أول بلد عربي وإفريقي وضع قوانين الحريات العامة والتعدد في إطار الديمقراطية مع احترام الأقليات والرأي الآخر اقتناعا وممارسة مع العمل على استمرار الوحدة. مركزا على دور الإعلام في مجال التربية والدفاع عن حقوق الناس. ودوره في مجال ترسيخ حرية الرأي والتعبير. مع التحلي بمضمون القولة الشهيرة "حريتك تنتهي عندما تبتدأ حرية الآخرين". ومؤكدا على ضرورة توفير كامل الحقوق للإعلامي والصحفي من أجل مساعدته على القيام بواجبه على أكمل وجه، مع العمل على تكوينه المستمر في مجالات: القوانين وحقوق الإنسان وأخلاقيات المهنة.

أما مداخلة الأستاذة أسماء الوردي، فركزت من خلالها على دور المرأة في الإعلام والصعوبات التي تواجهها. وخاصة صعوبة الحصول على المعلومة، والمنطق الذكوري الذي كان طاغيا على هذا المجال في السابق. إلا أنه وبفضل القوانين التي سنتها الدولة، أصبحت المرأة تتمتع بكامل حقوقها إلى جانب أخيها الرجل وخاصة في المجال الإعلامي والصحفي، ما أتاح لها إثبات ذاتها وإظهار علو كعبها في هذا المجال مستدلة بأمثلة كثيرة من الصحافيات والإعلاميات المغربيات الكبيرات اللائي لا يسع المقام لذكرهن.

وفي الختام قامت النقابة المركزية بتكريم بعض الأهرامات الإعلامية والصحفية بفاس، التي أغنت العمل النقابي والإعلامي خلال عقود من الزمن وما زالت، وهم : محمد التهامي بنيس، محمد بوهلال،عبد المجيد الكوهن، مصطفى البطاش، إبراهيم الدمناتي، عبد الفتاح الإدريسي، ادريس مكروم، محمد نجيب فني، سعيد ساعو. 

اترك تعليقاً