المرحوم دودوح يجمع أسرته ورفاقه في حفل تأبيني بفاس

في قاعة الاجتماعات بجماعة فاس، بملعب الخيل، وفي عشية، 22 من شهر فبراير، حيث أمطرت السماء خيرا وبركات بعد طول انتظار لماء يعيد الحياة للأرض، نظم أصدقاء الفقيد عبد الكريم دودوح، وعائلته الصغيرة والكبيرة، حفل تأبين تخليدا لذكراه.
وهكذا، وبتسيير مقتدر لحفل التأبين من لدن الحبيب قابو، وتنظيم محكم من اللجنة المنظمة، مرت اللقاء في جو روحاني، تعاقب على منصة، الإدلاء بشهادات في حق الفقيد، أساتذته في العمل الجمعوي والسياسي، ورفاقه في العمل النضالي بقلعة ظهر المهراز، وأسرته، ومعارفه.
ففي بداية اللقاء، استمع الجمع لآيات من الذكر الحكيم، وأناشيد في ذكر الرسول عليه السلام، ألقتها فرقة للمديح والسماع، لتتوالى الكلمات/الشاهد في حق الفقيد، إذ أعطيت الكلمة للجنة التنظيمية، التي ناب عنها الأخ البشير بنصفية الذي وقف عند لحظات ربطته بالفقيد، وتركت في نفسه كبير الأثر، مركزا على الخصوص، على ارتباط الفقيد بالدفاع عن قيم العدالة الاجتماعية، وحقوق الإنسان، في تجرد تام عن الرغبات الذاتية في التسلق الاجتماعي والاقتصادي.
وكانت كلمة عبد الهادي خيرات، الذي يعتبر أستاذ جيل عبد الكريم في النضال السياسي والجمعوي، جد مؤثرة، إذ اعتبر "العزيز الغالي عبد الكريم"، حينما التحق بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بداية 1982 بتازة، بل وساهم في تهييء المقر وإصلاحه ليحتضن الاجتماعات التي كانت، وحدها دليلا على إدانة الفرد وملاحقته، رغم صغر سنه آنذاك، كان ثاقب الفكر، ورزين التحليل، و"متعطشا للمعرفة"، ضمن نسقا معين".
وتتبع الأخ خيرات مسار دودوح في العمل السياسي، والحزبي والحقوق، حيث كان لدودوح السبق في العمل، بنكران كلي للذات.
ثم صعدت أرمة الفقيد، والابنة غيثا، على التوالي، قدمتا شهادة عاطفية تجاه الفقيد الذي غصة كبيرة في قلبيهما، لكن لا راد لقضاء الله تغالى.
وفي كلمة لنقيب هيئة المحامين بتازة، وجد نفسه محاطا ب "الكثير" مما يجب قوله في الفقيد، وركز على دوره رحمه الله، في غرف المحاكم حين كان يدافع عن المظلومين، ويحاجج القضاة بالأدلة الدامغة التي ترغب في إعادة العدل والحق للسكة الصحيحة، واعتبر أهل تازة كانوا مستعدين للخروج جماعات في موكب جنازته، لو أقيمت بمنشإ ولادته، تازة.
وكم كانت لحظة تأثر كبيرة حينما نادى الحبيب قابو على اسم نور الدين جرير، الذي تشارك والفقيد المناظرات في ساحات ظهر المهراز من مرتكزات سياسية وإيديولوجية تتقاطع في حب الوطن والرغبة في تكريس الكرامة الإنسانية للمغاربة، وتختلف في الوسائل والأدوات.
ولم يزغ الرفيق جرير عن التوجه الذي آمن به، إذ ركز على دور المرحوم، في "زمن الجمر والرصاص"، حيث عهد فيه ذلك المناضل الذي لا يتراجع عما يؤمن به، بل وحاور الفصائل بنوع من اللين طالما أن الهدف هو خلق مجتمع يغيب فيه القهر والقمع، سيادة لمجتمع لا ينسى فيه أحد، من العيش الكريم.
وألقيت كلمة مصورة للمناضل محمد الساسي الذي اعترف بفقدان رجل استثنائي في زمن نجن لفي أمس الحاجة للمناضلين أصحاب البوصلة المتجهة نحو المستقبل، والذي كان دودوح من الذين يتجهون نحو، حتى وهو في صراع مع المرض الخبيث.
وكانت كلمة شيخ المناضلين بفاس، عبد الرحمان الغندور، متميزة تميز رجل خبر الحياة، وأعطته من الحكمة الشيء الكثير، فمن منطلق أن دودوح، رحمه الله، كانت ينتصر للقيم النبيلة، وللعدالة الاجتماعية، فالأمر، في نظر الغندور، يفرض على التقدميين واليساريين أن يرمموا ذواتهم ليواصلوا الدفاع عما آمن به دودوح واشترك معه فيه هذا اليسار، وهؤلاء التقدميون.
ونظرا لأسباب قاهرة، لم تحضر المناضلة النقابية، السيدة ثريا لحرش، وأرسلت كلمة ألقيت نيابة عنها، كما أن كلمات كثيرة لم تجد اللحظة للتقديم، فقرر منظمو الحفل التأبيني على أن يضمها كتاب ستعمل اللجنة التنمية على إخراجه في القريب العاجل.